111

کفاح طیبه

كفاح طيبة

ژانرونه

فابتسم الملك إليه، واستأذن الكاهن في السلام على الأسرة فأذن له، فقصد إلى توتيشيري وسلم عليها، وعدل إلى الملكة أحوتبي وكان من المقربين إليها على عهد سيكننرع، ثم قبل ستكيموس ونيفرتاري، ثم قال حور لمولاه: مولاي: إن طيبة تنتظر مولاها، والجيش مصطف في الطرق، ولكن لكاهن آمون الأكبر رجاء.

فسأل أحمس قائلا: وما رجاء كاهننا الأكبر؟

فقال الكاهن باحترام: أن يتفضل مولاي بزيارة معبد آمون قبل أن يذهب إلى القصر الفرعوني.

فقال أحمس مبتسما: يا له من رجاء في تحقيقه الغنم والسعادة.

33

وغادر أحمس السفينة تتبعه الملكات ورجال مملكته، فاستقبله ضباط وجنود ممن جاهدوا معه منذ اليوم الأول، فرد الملك تحيتهم، وصعد إلى هودج فرعوني جميل، واعتلت الملكات هوادجهن، ورفعت الهوادج وتقدمتها فرقة من الحرس الملكي، وسارت وراءها عجلات الحاشية تتبعها فرقة أخرى من الحرس الملكي، وتقدم الموكب الملكي نحو باب طيبة الجنوبي الوسيط، وكان مزينا بالأعلام والأزهار، يصطف على جانبيه الجنود الأشداء الذين اقتحموا بالأمس القريب.

اجتازت الهوادج الفرعونية باب المدينة بين صفين من الرماح الشاكية، وقد نفخ في الأبواق حرس الأسوار، وتساقطت على الداخلين الأزهار والرياحين، ونظر أحمس فيما حوله فرأى منظرا عجبا يذهل النفوس الرصينة، رأى أهل مصر جميعا في نظرة واحدة، رأى أجسادا تحجب السبل والجدران والمنازل، بل رأى أرواحا خالصة من العبادة والحب والحماسة، وضح الجو بالهتاف المتصاعد من القلوب، وفتن الناس لرؤية الأم المقدسة في مهابة الشيخوخة وجلال الكبر، وحفيدها الباسل في عنفوان القوة والشباب، وشق الركب طريقه كأنما يخوض بحرا لجيا، تتعلقه الأنفس والأبصار، فقطع السبيل إلى معبد آمون في ساعات.

وعلى باب المعبد استقبل الملك وأسرته كهنة آمون، ودعوا له طويلا وساروا بين يديه إلى بهو الأعمدة، حيث قدمت القرابين على المذبح، وأنشد الكهنة نشيد الرب بأصوات رخيمة عذبة لبثت تتردد في القلوب فترة طويلة، ثم قال الكاهن الأكبر للملك: مولاي ائذن لي في الذهاب إلى قدس الأقداس لإحضار أشياء ثمينة تهم جلالتكم.

فأذن له الملك، ومضى الرجل ومعه نفر من الكهنة وغابوا زمنا يسيرا، ثم ظهر الكاهن مرة أخرى يتبعه الكهنة يحملون تابوتا وعرشا وصندوقا من الذهب، فوضعوها جميعا أمام الأسرة الفرعونية باحترام وإجلال، وتقدم نوفر آمون حتى وقف أمام أحمس، وقال بصوت ساحر نفاذ: مولاي، إن ما أعرض على أنظاركم لهي أنفس مخلفات المملكة المقدسة، عهد بها إلي لاثني عشر عاما خلت القائد الباسل الخالد الذكر بيبي؛ لتكون في مأمن من أن تصل إليها يد العدو الجشع، أما التابوت فهو تابوت الملك الشهيد سيكننرع يحفظ جثته المحنطة التي اشتملت أكفانها على جروح بالغة، سجل كل جرح منها صفحة خالدة للبسالة والتضحية، وأما العرش فهو عرشه المجيد الذي أدى حقه وأعلن عليه كلمة طيبة الأبية التي آثرت الابتلاء بأهوال الكفاح على السكون إلى ذل السلامة.

وأما هذا الصندوق الذهبي فيحتوي على تاج مصر المزدوج، تاج تيمايوس آخر ملوكنا الذين حكموا مصر المتحدة، وكنت أهديته لسيكننرع وهو خارج لقتال أبوفيس، فخاض غمار المعركة وهو على رأسه الكريم، ودافع عنه الدفاع الذي يعرفه جميع أهل الوادي .. هذه يا مولاي ودائع بيبي المقدسة، أحمد الرب أن مد في عمري حتى رددتها إلى أصحابها، داموا للمجد ودام المجد لهم.

ناپیژندل شوی مخ