خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خپرندوی
دار صادر
د خپرونکي ځای
بيروت
مِنْهُم الشَّمْس البلبلي وسلطان المزاحي والنور الشبراملسي ولازم مَنْصُور الطوخي فَزَوجهُ ابْنَته واختص بِهِ وَكَانَ مَعَ سَلامَة قريحته وَحسن ذكائه وَصِحَّة تصور فطنته ودهائه مبتليًا بالأمراض والأسقام مُسلما لقَضَاء الله حَتَّى توفّي وَكَانَت وَفَاته فِي شهر رَمَضَان الْمُبَارك من سنة خمس وَتِسْعين وَألف بِمصْر وَدفن بتربة المجاورين رَحمَه الله تَعَالَى
أَبُو بكر بن مَحْمُود بن يُونُس الملقب تَقِيّ الدّين بن شرف الدّين الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الْحَكِيم وَسَيَأْتِي ذكر وَالِده شرف الدّين خطيب أموي دمشق وَرَئِيس أطبائها ولد تَقِيّ الدّين هَذَا بِدِمَشْق واشتغل وَحصل وَأخذ عَن الْبَدْر الْغَزِّي وَابْنه الشهَاب وَقَرَأَ الطِّبّ على وَالِده واعتنى بِبَقِيَّة الْفُنُون حَتَّى برع فِي العقليات وَكَانَ مفرط الذكاء حسن المطالعة وَكَانَ لَهُ يَد طولي فِي الْعُلُوم الغريبة مثل علم الوفق وَعلم الْحَرْف وَأخذ التصوف عَن الشَّيْخ أَحْمد بن سُلَيْمَان الصُّوفِي وَأخذ عَنهُ الطَّرِيقَة القادرية وسافر إِلَى قسطنطينية فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وانْتهى أمره بهَا إِلَى أَن تصل بالسلطان مُرَاد بن سليم وَصَارَ مصاحبًا لَهُ وحظي عِنْده وَحكى البوريني أَن سَبَب اتِّصَاله بِهِ هُوَ مَا اشهر عَن السُّلْطَان مُرَاد هَذَا من أَنه كَانَ يمِيل إِلَى المتصوفة وَيُحب كَلَامهم وشطحاتهم وَرُبمَا كَانَ هُوَ يتَكَلَّم بِشَيْء من اصطلاحاتهم فَكَانَ فِي ابْتِدَاء دُخُوله أَن رجلا من حَوَاشِي السلطنة يُقَال لَهُ ناصف وَكَانَ قَصِيرا جدا وَكَانَ السُّلْطَان يحب هَذَا النَّوْع من أَنْوَاع الحفدة فَدخل يَوْمًا تَقِيّ الدّين إِلَى مقرّ السُّلْطَان فَبَصر بِهِ ناصف الْمَذْكُور فَقَالَ لَهُ عندنَا بعض مرضى من أَوْلَاد الخزينة السُّلْطَانِيَّة وَقد قَالَ بعض النَّاس أَن عنْدكُمْ علما بالطب وعلمًا من الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة بالأسرار الالهية فَقَالَ نَحن نداوي بالعقاقير المعنوية فَقَالَ لَهُ هِيَ مرادنا فَكتب لَهُ فِي فنجان بعض كَلِمَات وأسرارا فَكَانَ ذَلِك صَادف وُقُوع الْمَقَادِير بشفاء من سقى من ذَلِك الفنجان فَقَالَ ناصف الْمَذْكُور للسُّلْطَان مُرَاد لَك مطلوبك فَإِن مَوْلَانَا السُّلْطَان من زمَان طَوِيل يطْلب رجلا من أَرْبَاب الْأَحْوَال وَقد قدم الينا رجل من رجال الشَّام وَسَماهُ وذكرانه داوى المرضى الَّذِي عندنَا بِالْكِتَابَةِ والتعويذات فَيُقَال إِن السُّلْطَان طلبه وَرَآهُ وَيُقَال بل كَانَ يراسله وَلم تزل حَاله ترتقي إِلَى أَن تقدم على الموَالِي وَرُبمَا صَار يأنف من التَّوَاضُع لقَضَاء العساكر فحدوه وَكَانَ إِمَام السُّلْطَان قد ضَاقَ ذرعه مِنْهُ وَكَانَ يتظاهر بإنكار الْمُنْكَرَات
1 / 96