خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خپرندوی
دار صادر
د خپرونکي ځای
بيروت
فائقة وأشعار شائقة اشْتغل فِي مبدأ أمره على الْعَلامَة مُحَمَّد الْحِجَازِي وَولده عبد الْحق وَبِهِمَا تفقه ثمَّ خالط الأفاضل الْكِبَار وَحضر دروس جدي القَاضِي محب الدّين فِي التَّفْسِير وَتَوَلَّى قَضَاء الشَّافِعِيَّة بمحكمة الْبَاب عوضا عَن القَاضِي محب ابْن جانيك الْمَعْرُوف بالكلنجي فحمدت سيرته ودرس بالجامع الْأمَوِي والمدرسة الجوزية قَالَ البوريني وَأخذ الْمدرسَة عَنهُ رجل رومي اللِّسَان أعجمي التِّبْيَان يُقَال لَهُ مُوسَى فاستدعى التقى من أهل الْبَلدة أَن يكتبوا محضرًا فِي أَحْوَال مُوسَى الْمَذْكُور وَهل هُوَ أهل للدرس أم هُوَ جَاهِل بِكُل مسطور فَكتب الْعلمَاء فِيهِ وأطالوا وجالوا فِي ميدان ذمه وصالوا وَمَا تركُوا لَهُ أديمًا صَحِيحا وشرحوا عرضه بالْقَوْل تشريحًا حَتَّى أَن الْعَلامَة القَاضِي محب الدّين أنْشد فِيمَا كتب
(تصدر للتدريس كل مهوس ... بليد تسمى بالفقيه الْمدرس)
(فَحق لأهل الْعلم أَن يتمثلوا ... بِبَيْت قديم شاع فِي كل مجْلِس)
(لقد هزلت حَتَّى بدا من هزالها ... كلاها وَحَتَّى سامها كل مُفلس)
قَالَ وكتبت فِي أثْنَاء مَا رقمت
(مدارس آيَات خلت عَن تِلَاوَة ... ومنزل وحى مقفر العرصات)
قلت والأبيات الَّتِي أنشدها جدي للحسين بن سعد أبي عَليّ الْآمِدِيّ وَكَانَت وَفَاة التقي المترجم نَهَار الْأَرْبَعَاء ثامن جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْألف عَن بضع وَأَرْبَعين سنة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
الشَّيْخ أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن الإِمَام مُحَمَّد مولى عيديد الشهير كسلفه ببا فَقِيه صَاحب قيدون الإِمَام المفنن الْفَقِيه الْأَجَل ولد بتريم وَحفظ الْإِرْشَاد وَغَيره من الْمُتُون ورسائل كَثِيرَة وَكَانَ عَجِيب الْحِفْظ غَرِيب الْفَهم اشْتغل بِطَلَب الْعلم من صغره ولازمه وتفقه على شيخ الْجَمَاعَة مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بِأَفْضَل وَأكْثر انتفاعه بِهِ لملازمته لَهُ حَتَّى تخرج بِهِ وَأخذ عَن الشَّيْخ عبد الله بن شيخ العيدروس وَعَن الإِمَام زين بن حُسَيْن بِأَفْضَل وَغَيرهم واعتنى بالارشاد وَفتح الْجواد وَكَانَ لَهُ بِهِ اعتناء تَامّ فَكَانَ يستحضر عِبَارَته بالحرف قَالَ الشلي وَلَقَد أَخْبرنِي بعض تلامذته الثِّقَات أَنه كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ الْفَتْح قَالَ فَكُنَّا نرى أَنه يحفظه عَن ظهر قلب وَكَانَ يَنْقُلهُ بِالْفَاءِ وَالْوَاو وَكُنَّا ندأب فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَنَجِيء إِلَيْهِ فنجده يستحضر من كَلَام الْمُتَكَلِّمين عَلَيْهِ من استشكال وَجَوَاب مَا لم يطلع عَلَيْهِ أحد منا مَعَ مطالعتنا
1 / 94