61

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خپرندوی

دار صادر

د خپرونکي ځای

بيروت

بَاطِنا غير مَا هُوَ ظَاهر فَقتل وَنهب وَأخذ مِنْهُم أَمْوَالًا جمة وحاصرهم محاصرة عَظِيمَة حَتَّى أَن أَمِيرهمْ قرقماس بن معن مَاتَ قهرا ثمَّ سَار إِلَى قسطنطينية من طَرِيق الْبَحْر فِي المراكب الْعَظِيمَة وَدخل على ابْنة السُّلْطَان وَأعْطى الوزارة الْعُظْمَى ثمَّ عينه السُّلْطَان لمقاتلة النَّصَارَى فِي دَاخل بِلَاد الرّوم وَوَقع بَينه وَبينهمْ مقتلة عَظِيمَة وَثَبت ثباتًا عَظِيما وانتصر عَلَيْهِم بعد أَن كَادَت النَّصَارَى تكسر عَسَاكِر الْإِسْلَام فَلم يزل هُوَ وَعَسْكَره يقتلُون فِي النَّصَارَى حَتَّى أفنوهم قتلا وأسرًا وفتحوا ثغرًا من ثغورهم الْمَعْرُوفَة وَكَانَ للْمُسلمين رَئِيس عَسْكَر آخر يُقَال لَهُ مَحْمُود باشا فانتصر هُوَ أَيْضا وَخذ الله الْمُشْركين قَالَه الْحسن البوريني ثمَّ ورد الْخَبَر بِمَوْت إِبْرَاهِيم باشا الْمَذْكُور فِي الْمحرم سنة عشرَة بعد الْألف وَأَنه مَاتَ وَهُوَ مرابط زَاد المنشى ونقلت جنَازَته إِلَى قسطنطينية وَدفن بهَا فِي مدفن خَاص بِهِ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم القسطموني نزيل الْمَدِينَة المنورة أحد الْعباد الزهاد ذكره ابْن نَوْعي فِي ذيل الشقائق وَقَالَ فِي حَقه كَانَ من الْفقر وَالرِّضَا والكفاف فِي منزلَة الْأَفْرَاد أَخذ عَن الشَّيْخ الْبركَة حسن شيخ زَاوِيَة مصطفى باشا وأكمل عَلَيْهِ آدَاب الطَّرِيق ثمَّ حج وجاور بِالْمَدِينَةِ المنورة وَكَانَ عابدًا زاهدًا مرتاضًا مُجَاهدًا مُنْقَطِعًا إِلَى الله تَعَالَى عَفا عَمَّا فِي أَيدي النَّاس حكى عَنهُ أَنه كَانَ فِي أثْنَاء مجاورته لَا يقبل من أحد صَدَقَة وَلَا هَدِيَّة سوى أَن شَيْخه الْمَذْكُور كَانَ يُرْسل لَهُ فِي كل ثَلَاث سِنِين قَمِيصًا وَاحِدًا فَكَانَ لِبَاسه منحصرًا فِيهِ وَمَعَ هَذَا فقد كَانَت صلَاته للْفُقَرَاء وعوائده للأرامل واليتامى مُتَّصِلَة وَفِي يَوْم مَوته شوهد حَالَة عَجِيبَة من الْفُقَرَاء وَكَانُوا حول نعشه بِكَثْرَة وهم يصيحون يَا أَبَا الْفُقَرَاء يَا ملْجأ الضُّعَفَاء فَسئلَ مِنْهُم عَن سَبَب ذَلِك فَقَالُوا كَانَ يُعْطِينَا فِي كل سنة مِقْدَار كفايتنا وَكَانَ وَجه معاشنًا وَنَفَقَة عيالنا مِنْهُ وَهَذَا مَعَ مَا ذكر من صفته لَيْسَ إِلَّا إنفاقًا من الْغَيْب وَكَانَت وَفَاته رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة إِحْدَى عشرَة بعد الْألف وَدفن بِالبَقِيعِ بِالْقربِ من قبَّة الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِبْرَاهِيم باشا الْوَزير نَائِب مصر ذكره النَّجْم وَقَالَ فِي تَرْجَمته كَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي الْعلم وسلك أَولا مَسْلَك الْقُضَاة ثمَّ صَار دفتردارًا بِالشَّام ثمَّ عزل وَرجع إِلَى الرّوم فسلك طَرِيق الْأُمَرَاء الْكِبَار ثمَّ صَار وزيرًا ولي مصر وَكَانَ ممدوح السِّيرَة فِي ولَايَته وَله حسن معاشرة إِلَّا أَنه امتحن بِقصَّة الْأُسْتَاذ زين العابدين الْبكْرِيّ دخل إِلَيْهِ بقلعة الْجَبَل بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ خرج من عِنْده مَيتا وأشاع أَنه مَاتَ فَجْأَة ثمَّ ترجح أَنه خنقه أَو سمّه

1 / 61