جمَاعَة من أهل دمشق وَكنت أَنا فِي حَالَة صغرى جودت عَلَيْهِ حِصَّة من الْقُرْآن وَكَانَ أهل الرّوم الَّذين يردون إِلَى دمشق يميلون إِلَيْهِ ويعتقدونه وَكَانَ يَعِظهُمْ تَارَة على كرْسِي وَتارَة وَهُوَ جَالس مَكَان تدريسه ويبالغ فِي التهديد والزجر وَكَانَ لَا يَخْلُو من تعصب وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ نفع مُتَعَدٍّ وَكَانَت وَفَاته فِي سنة تسع وَسبعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
إِبْرَاهِيم بن المنلا زين الدّين الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بالجمل كَانَ أَبوهُ زين الدّين من أهل نخجوان من بِلَاد الْعَجم ورد دمشق وتديرها وَولد لَهَا بهَا ثَلَاثَة أَوْلَاد أَحْمد وَمُحَمّد وَإِبْرَاهِيم هَذَا فَأَما أَحْمد وَمُحَمّد فستأتي ترجمتاهما خاصتين وَأما إِبْرَاهِيم هَذَا فَإِنَّهُ نَشأ وَقَرَأَ فِي بعض الْعُلُوم واشتهر فِي معرفَة الطِّبّ وَتَوَلَّى آخرا رياسة الْأَطِبَّاء وناب فِي محاكم دمشق وَكَانَ فِيهِ دعابة ومزاح وَكَانَ يجْرِي بَينه وَبَين القَاضِي مُحَمَّد بن حُسَيْن ابْن عين الْملك الصَّالِحِي الْمَعْرُوف بالقاق منافسات ووقائع كَثِيرَة وَكَانَ القاق مُغْرِي بهجائه وثلبه وَاتفقَ لَهُ أَنه أوقع بِهِ مكيدة أَرَادَ فضيحته بهَا وفطن بهَا إِبْرَاهِيم فتخاصم هُوَ وإياه وتشاتما وهجره إِبْرَاهِيم بعد ذَلِك فَقَالَ فِيهَا الأديب إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأكرمي الْآتِي ذكره شعر
(انْظُر إِلَى حَال الزَّمَان ... وَمَا اعتراه من الْخلَل)
(القاق مد جنَاحه ... شرطا ليصطاد الْجمل)
(فَجرى بذلك بَينهم ... حَرْب وَلَا حَرْب الْجمل)
وَلما ولي أَخُوهُ أَحْمد قَضَاء دمشق مَاتَ فِي زَمَنه المنلا عَليّ الْكرْدِي وَكَانَ مدرس التقوية فَوجه تدريسها إِلَيْهِ فَقَالَ فِيهِ الأكرمي الْمَذْكُور شعر
(يَا أَيهَا الْجمل الَّذِي ... غَدَتْ الربوع بِهِ دوارس)
(قد كنت ترجد فِي الحقول ... فصرت ترجد فِي الْمدَارِس)
(فابعر وكل واشرب وبل ... وارتع فَمَا للروض حارس)
ثمَّ بعد موت أَخِيه الْمَذْكُور وجهت الْمدرسَة عَنهُ واختل بعد ذَلِك عقله وتكدر عيشه وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة خمس بعد الْألف وَتُوفِّي فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس بِالْقربِ من قبر أبي شامة رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم بن جعمان بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة
1 / 21