خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
خپرندوی
دار صادر
د خپرونکي ځای
بيروت
فَمَلَأ لَهُ جيبه وذيله فَلَمَّا وصل إِلَى بَيته فَإِذا هُوَ فَحم أسود وَمن كراماته المأثورة عَنهُ أَن شخصا من النَّاس فقد زَوجته من فراشها فتحقق أَن ذَلِك من فعل الْجِنّ فَذهب إِلَى الشَّيْخ وَأخْبرهُ الْخَبَر فَكتب لَهُ قرطاسًا وَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَى تونس العتيقة وأقم ثمَّة حَتَّى إِذا مضى ثلث اللَّيْل يمر بك جند فأعط هَذَا القرطاس لملكهم تنَلْ مطلوبك فَمضى إِلَى الْمَكَان الْمَذْكُور وَقعد ينظر فَلَمَّا صَار نصف اللَّيْل ظهر لَهُ قوم روحانيون فَسَأَلَ عَن ملكهم فَقيل لَهُ هَا هُوَ ذَا فَنَاوَلَهُ القرطاس فَنظر الْملك فِيهِ ثمَّ قَالَ سمعا وَطَاعَة ثمَّ أَمر بإحضار الْمَرْأَة وَسلمهَا لزَوجهَا وَأمره بِأَن يبلغ سَلَامه إِلَى الشَّيْخ وَحكى ابْن نَوْعي قَالَ أَخْبرنِي الْأَمِير عَليّ الْمَعْرُوف ببك زَاده أَنه لما كَانَ أَبوهُ مُتَوَلِّيًا تونس وعزل فِي مُدَّة قَليلَة وابتلى بفقر وفاقة لَا يعبر عَنْهَا بمقال قَالَ وتكدر حَالنَا لأَجله فاتفق أَن جَاءَ الْعِيد وَلَيْسَ مَعَه مَا يُنْفِقهُ وَإِذا بِأحد خدام الشَّيْخ جَاءَ إِلَى أبي بهدية من الشَّيْخ وَهِي مائَة تفاحة وَاعْتذر عَن قلتهَا كل الِاعْتِذَار قَالَ فَأخذ أبي تفاحة وشقها نِصْفَيْنِ فَخرج من وَسطهَا دِينَار فشق الْجَمِيع وَأخرج مَا فِيهَا فَكَانَ مائَة دِينَار فأنفقها وَتوسع بهَا وَله من هَذَا الْقَبِيل كرامات شَتَّى وَبِالْجُمْلَةِ فقد اتّفقت الْكَلِمَة على علو شَأْنه وسمو قدره وَفِيه يَقُول شيخ الْإِسْلَام يحيى بن زَكَرِيَّا وَقد ورد أحد خلفائه إِلَى الرّوم وَطلب تقريظ إجَازَة أجَازه بهَا الشَّيْخ قدس الله سره
(أَبُو الْغَيْث غيث المستغيثين كلهم ... بهمته نَالَ الورى فك أسرهم)
(فهمته العلياء غيث بِهِ ارتوى ... رياض أَمَان اللائذين بأسرهم)
وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَائِل رَجَب سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن فِي زاويته الْمَعْرُوفَة بِهِ وعمره مَا جَاوز الْخمسين بِكَثِير
أَبُو الْفرج بن عبد الرَّحِيم السَّيِّد الشريف الْحُسَيْنِي الْمَعْرُوف بالسمهودي الْمدنِي الْفَاضِل الأديب الْكَامِل كَانَ من فضلاء وقته ونبلاء عصره واشتغل وَحصل وَصَارَ أحد الخطباء والمدرسين بِالْحرم النَّبَوِيّ ونبل وتفوق وَكَانَ بَينه وَبَين شَيخنَا الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الخياري الْمدنِي صُحْبَة أكيدة ومحبة قديمَة وَذكره فيرحلته وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا قَالَ وَكَانَت وَفَاته بِالشَّام شَهِيدا فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير ورثاه شَيخنَا الْمَذْكُور بقصيدة طَوِيلَة استحسنت مِنْهَا هَذَا الْمِقْدَار فأوردته وَذَلِكَ
(أأخي أجب إِنِّي لفقدك واله ... مَعَ أنني للقادحات حمول)
1 / 142