135

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خپرندوی

دار صادر

د خپرونکي ځای

بيروت

خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لعشر بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْألف بِمحل يُقَال لَهُ العشة من جِهَة الْيمن وَحمل إِلَى مَكَّة وَدفن بالمعلاة وَبنى عَلَيْهِ قبَّة كَبِيرَة يزار بهَا
أَبُو الطّيب بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مفرج بن بدر بن بَدْرِي ابْن عُثْمَان بن جَابر بن ثَعْلَب بن صنوى الْغَزِّي ابْن شَدَّاد بن عَاد بن مفرج بن لَقِيط ابْن جَابر بن وهب بن ضباب بن جحيش بن مغيفر بن عَامر بن لؤَي بن غَالب العامري يتَّصل نسبه بعامر بن لؤَي واليه أَشَارَ جده الرضي حَيْثُ قَالَ
(وَأَبُو الْفضل كنيتي وانتسابي ... من قُرَيْش لعامر بن لؤَي)
الدِّمَشْقِي المولد الْفَاضِل الأديب الشَّاعِر المفنن الْمَشْهُور أوحد الزَّمَان ونادرة الْعَصْر والأوان كَانَ فِي زَمَانه أبلغ الشُّعَرَاء وأدقهم نظرا وشعره من أَجود الشّعْر رونقًا وديباجة وَكَانَ إِلَيْهِ النِّهَايَة فِي سبك الْمعَانِي وَاسْتِعْمَال الْأَلْفَاظ الشائقة وَلم يكن شعره مَعَ جودته مَقْصُورا على أسلوب وَاحِد بل كَانَ يتفنن فِيهِ وَيدخل فِي أساليب مُخْتَلفَة وَكَانَ غزير الْمَادَّة من الْأَدَب مطلعًا على مُعظم شعر الْعَرَب الخلص وَغَيرهم وَكَانَ يكْتب الْخط المدهش وَهُوَ من أذكياء الْعَالم وفضلائه الْمَشْهُود لَهُم بالتفوق والبراعة قَرَأَ فِي مبدأ أمره كثيرا وَضبط وبرع ومعظم انتفاعه فِي عُلُوم الْأَدَب بجدي المرحوم القَاضِي محب الدّين فَإِنَّهُ بِهِ عرف وَعَلِيهِ تخرج وتفقه بالشهاب العيثاوي ورحل إِلَى مصر فِي حُدُود الْألف وَأخذ عَن علمائها وَرجع إِلَى دمشق ودرس بِالْمَدْرَسَةِ القصاعية الشَّافِعِيَّة ثمَّ تفرغ عَنْهَا وَعرض لَهُ فِي سنة خمس عشرَة وَألف عَارض سوداوي فَطلق زَوجته وَفرق ثِيَابه على كثير من أَصْحَابه وَكَانَ مَعَ هَذَا الْحَال يكْتب تَفْسِير الْمولى أبي السُّعُود كِتَابَة صَحِيحَة مليحة إِلَى الْغَايَة من غير نُقْصَان وَلَا تَبْدِيل وَذكره البديعي فِي كِتَابه ذكرى حبيب وَقَالَ وَمد نظم فِي سلك ذَوي الأفضال اعترته آفَة الْكَمَال بِسَبَب مَا اعتراه من عَارض الْجُنُون وَصَبره ثَالِث خَالِد وَالْمَجْنُون وَلم يزل بعد تِلْكَ الْجنَّة يَأْتِي بِكُل معنى شارد ويساعده شَيْطَانه المارد فِي الشّعْر على كل طريف من الْأَدَب وتالد وَله من الشّعْر مَا ينفث عقد السحر ثمَّ أورد لَهُ مَا ذكره الخفاجي فِي كِتَابه وَذَلِكَ قَوْله من قصيدة
(مؤنبي لَا بَرحت فِي عذلي ... فحبذا حبه عَليّ ولى)
(غُصْن دلال أغر طلعته ... شمس ضحى فَوق ناعم خضل)

1 / 135