114

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خپرندوی

دار صادر

د خپرونکي ځای

بيروت

(كم تدعى بعلوم النَّجْم معرفَة ... وَلَيْسَ تفرق بَين النَّجْم وَالْقَمَر)
وَكَانَت لَهُ أَحْوَال وقصص وأخبار وَوَقع لَهُ من الإتفاقات إِنَّه لما قدم مُحَمَّد باشا نَائِب الشَّام عوضا عَن محافظها الْوَزير الْمَعْرُوف بالخناق وَقد كَانَ الخناق يحب صَاحب التَّرْجَمَة فَبلغ مُحَمَّد باشا محبته لَهُ فَلَمَّا خرج لإستقباله على عَادَة أهل الشَّام أهانه اهانة بليغة فَأتى إِلَى بَيته واختلى فِيهِ وَأخذ يَتْلُو بعض الْأَسْمَاء فاتفق بعد ثَمَانِيَة أَيَّام إِن مَاتَ مُحَمَّد باشا الْمَذْكُور وطلع أَبُو الْبَقَاء فِي جنَازَته مَعَ بَقِيَّة الْقَوْم وَأخذ يتبجح بقتْله فَسَمعهُ الشاهيني الْمَذْكُور وَهُوَ يتجاهر بذلك فَقَالَ لَهُ تقتلون الْقَتِيل وتمشون فِي جنَازَته وَهَذِه الْقِصَّة الْمَشْهُورَة وتروى على أنحاء مُخْتَلفَة وملخصها مَا ذكرته وَله غير ذَلِك من الوقائع مِمَّا هُوَ مستفيض مَشْهُور وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي نَهَار الْجُمُعَة حادى عشرى جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَألف وَصلى عَلَيْهِ بالسليمية وَدفن بالسفح وَقيل فِي تَارِيخه
(أودي مُسَيْلمَة الكذوب ... السَّاحر النحس الْمرَائِي)
(ألهمت فِي تَارِيخه ... مَاتَ الشقي أَبُو الْبَقَاء)
الشَّيْخ أَبُو الْجُود بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد وَتقدم تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة ابْن أَخِيه إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْيمن البتروني الْحلَبِي الْحَنَفِيّ مفتي حلب وعالم ذَلِك الْقطر ومحط أهل دائرته وَكَانَ عَلامَة محققا بارعا ف الْمَذْهَب وَالتَّفْسِير فَارِسًا فِي الْبَحْث نظارا هَاجر بِهِ أَبوهُ وبأخويه إِلَى الْيمن وَمُحَمّد إِلَى حلب بِإِشَارَة الشَّيْخ علوان الْحَمَوِيّ وَصَارَ أبوهم واعظا وخطيبا بِجَامِع حلب وَكَانَ هُوَ وَولده أَبُو الْجُود يتعممان بالعمامة الصُّوفِيَّة واشتغل أَبُو الْجُود على عُلَمَاء عصره وَولي بعد أَبِيه الْوَعْظ والخطابة بالجامع وَكَانَ يقْرَأ الدُّرُوس فِي الرواق الشَّرْقِي ثمَّ ولي الأفناء وتقاعد عَن قَضَاء الْقُدس ثمَّ عَن قَضَاء الْمَدِينَة ونال من الرُّتْبَة مَا لم ينله أحد مِمَّن تقدمه وَكَانَ لَهُ سخاء ومروءة وحمية ومدحه شعراء عصره وخلدوا مدائحه فِي دواوينهم فَمنهمْ حُسَيْن الْجَزرِي وَفتح الله بن النّحاس وحسين بن جاندار البقاعي وَفِيه يَقُول بعض شعراء حلب
(أبي الْجُود فِي الدُّنْيَا سواك لِأَنَّهُ ... تفرع من جود وَأَنت أَبُو الْجُود)
(وأضدادك الْوَادي لَهُم سَالَ واستوت ... سفينة بَحر الْعلم مِنْك على الجودى)
وَذكره البديعي فِي ذكري حبيب وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَقَالَ فِي تَرْجَمته دخل مرّة على بعض الوزراء الْعِظَام ومجلسه غاص بالخاص وَالْعَام بعد غضب يمْنَع لَذَّة

1 / 114