112

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

خپرندوی

دار صادر

د خپرونکي ځای

بيروت

للْوُضُوء وَنَحْوه ويمسك على لحيته قَالَ وَكَانَت بَيْننَا وَبَينه صُحْبَة أكيدة وأخذته حَالَة فِي آخر أمره فلازمني وَكَانَ يبيت عِنْدِي ويكلمني فِي حَالَته تِلْكَ بِلِسَان غير اللسن الَّذِي يكلم بِهِ أَكثر النَّاس فَهُوَ مُسْتَغْرق عَنْهُم فِي نظرهم وَهُوَ حَاضر معي غير مُسْتَغْرق إِلَّا أَنه رُبمَا يظْهر مِنْهُ تخريف وَأَقْبل عَليّ مرّة فِي حَالَته وَهُوَ يشارر النَّاس ويشاتمهم وَكَانَ لَا يشْتم أحدا إِلَّا بِمَا فِيهِ تَأْوِيل ظَاهر فخطر لي مَا يقاسيه فِي حَالَته من الشدَّة وَالْبَلَاء فَلَمَّا حاذاني وقف عي ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا وَقَالَ لي يَا فلَان
(لَا تحسب الْمجد تَمرا أَنْت آكله ... لن تبلغ الْمجد حَتَّى تلعق الصبرا)
قَالَ وَسَأَلت الله أَن يكْشف لي عَن مقَامه فرأيته فِي تِلْكَ اليلة فِي الْمَنَام فِي صُورَة أَسد ثمَّ تحول إِلَى صورته فَظهر لي بذلك أَنه من الْإِبْدَال فَلَمَّا كَانَ آخر النَّهَار رَأَيْته وَهُوَ فِي حَالَته تِلْكَ فَضَحِك وَقَالَ كَيفَ رَأَيْتنِي البارحة وَكَانَت وَفَاته بَين الْعشَاء من لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة أَربع عشرَة بعد الْألف رَحمَه الله تَعَالَى
أَبُو بكر السندي الشَّافِعِي المجاور بالطواشية شَرْقي الْجَامِع الْأمَوِي تَحت المنارة الشرقية نَحْو عشر سِنِين المنلا الْمُحَقق الفهامة كَانَ بارعًا فِي المعقولات نَافِعًا للطلبة صَالحا دينا مُبَارَكًا آثر الخمول والقناعة وَكَانَت تخطبه الدُّنْيَا ويأبى إِلَّا الْفِرَار مِنْهَا ملازمًا على الْعِبَادَة وَالصَّلَاة بِالْجَمَاعَة يسْرد الصَّوْم دَائِم الصمت حسن الِاعْتِقَاد متواضعًا لَا يرغب فِي الْحُكَّام وَلَا يجْتَمع بهم ملازم الطّلبَة وملازموه وانتفعوا بِهِ فِي المعقولات وَغَيرهَا مَاتَ مطعونًا وَهُوَ صَائِم فِي يَوْم السبت ثَالِث ربيع الأول سنة ثَمَان عشرَة بعد الْألف وَدفن بتربة الغرباء بمقبرة الفراديس قَالَ النَّجْم وَمَات قبله بأيام صَاحبه المنلا مُحَمَّد الْهِنْدِيّ وَكَانَا متلازمين فِي الْحَيَاة وَفِي الْمَمَات فَإِن قَبره إِلَى جَانب قَبره وَقلت ملحًا
(عجبت لطاعون أَصَابَت نباله ... وأربت على الخطى والصارم الْهِنْدِيّ)
(سَطَا فِي دمشق الشَّام عَاما وآخرًا ... تبسط فِي الْهِنْدِيّ وَمَا ترك السندي)
أَبُو بكر الطرابلسي الْحَنَفِيّ شيخ الإقراء بِالشَّام أَخذ القراآت عَن الْمقري الْكَبِير إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْعِمَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن كسباي الْمُقدم ذكره وبرع فِي علومها وَكَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي غَيرهَا من الْفُنُون وَكَانَ يعسر عَلَيْهِ الْأَدَاء كشيخه ابْن كسباي وَكَانَ دينا صَالحا وقورًا منزويًا عَن النَّاس وَتَوَلَّى إِمَامَة السياغوشية دَاخل بَاب الشاغور وَهُوَ آخر المقرئين بِدِمَشْق مَاتَ يَوْم تَاسِع أَو عَاشر شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وَألف

1 / 112