"كيف أخل، في كتابه المسمى بفض الختام عن التورية والاستخدام، بذكر علاء الدين ابن المظفر الكندي الشهير بالوادعي، وهو أشهر من "قفا نبك" في نظم التورية، بل هو امرؤ قيسها وكنديها".
ولو كان ابن حجة، قد أخل بذكر المتنبي في كتابه هذا، لما كان لنا عليه مأخذ، وإنما نأخذ عليه ذكره له والتجني عليه، مع محاولته الخبيثة في إيهام القارئ بأنه هو، أي ابن حجة، من أنصاره ومريديه، بينما يبدو لنا أنه يغمطه حقه ويجور عليه في الحكم، حين نراه يتجاهل سبقه إذ يقول في معرض حديثه عنه وعن الطغرائي: "انظر إلى محاسن هذين الفحلين إلى الغاية التي تمثلا بها ... وتأخر سوابق الأفهام عن معرفة السابق منهما إلى الغاية".
كما أننا نرى أن ابن حجة يحاول، في مكان آخر، التغطية والتعمية على القارئ، بإخفاء بغضه، وربما حسده، للمتنبي، مع الغمز الخفي من قناته فيقول: "وقد عن لي أن أجمع هنا ما حلا بذوقي من أمثال أبي الطيب المتنبي، وإن كان فيها ما ولّده من شعر أبي تمام".
فإن في هذا الكلام ما يفهم منه أن المتنبي كان عيالًا على غيره من الشعراء، وفي هذا ما فيه من غمز من قناة هذا الشاعر الفحل، مع أن هذا لم يقل به غير ابن حجة، إذ المعروف بين الباحثين والنقاد أن الكثيرين من الشعراء هم عيال على المتنبي، ويقصر الكثيرون منهم عن التحليق في سمائه.
ومهما يكن من أمر صاحب "الخزانة" فإننا لا يمكن أن نغمطه حقه وجهده في كتابه الموسوعي "خزانة الأدب" إذ إنه يبقى خزانة حقيقية للأدب. لا غنى عنها للباحث الأديب والمتأدب، بل تكاد تكون فريدة في عصرها، وفي غزارة مادتها وتنوعها.
بيروت في ٨/ ٦/ ١٩٨٦م.
عصام شعيتو
1 / 13