29 يونيو 1976
الحر شديد شديد، والحديث الجاد ثقيل على المتحدث والمستمع معا، فما علي لو حكيت لك بضع حواديت، وما عليك لو أنك قرأت ما أكتبه لك للتسلية ولإزجاء الوقت.
هاتان حكايتان من صنع الحياة ، ولعلك تريد أن تسأل: فلماذا لا تصوغهما في قصتين وهذه بضاعتك؟
يبدو أني لا أجد فيهما شيئا أستطيع أن أصوغ منه قصة، فالحياة قد صاغت كلا منهما ولم تترك لي مجالا لاجتهاد.
ثم أنا أخشى إذا صغتهما أو صغت واحدة منهما أن تسألني بطريقتك المعهودة: «ماذا تريد أن تقول بقصتك» وأنت محق، فإنه لا بد لي أن أريد شيئا من قصتي، أما الحياة فإنها تؤلف كما تشاء ولا يجرؤ أحد أن يسألها ماذا تريدين؟ فهي غير حريصة على إرضائك ولا على إرضاء أحد، وهي ليست ملزمة أن تقدم لك حكمتها عن كل قصة تؤلفها، فللحياة حكمتها ا لكلية الخالدة وليس يعنيها أن تكون لكل حكاية صغيرة لها حكمة قائمة بذاتها.
الحكاية الأولى: صداقة ساعات
عن صديقنا علي، كان منذ أيام في النادي، وتعرف هناك بصديق جديد هو خيري، وحدث بينهما هذا الشيء الذي يحدث كثيرا بلا معنى ولا تبرير، فقد أحس كل منهما أنه يعرف الآخر منذ سنوات، وفي لحظات أصبحا صديقين حميمين. - أين تسهر الليلة؟ - عند عصام. - الله ... أنا الآخر مدعو عنده. - نذهب معا. - لا بأس، أترك سيارتي هنا ونذهب معا.
وذهبا وظلا رفيقين طوال السهرة، وازدادت الصداقة بينهما قوة، حتى قارب موعد الرحيل فقالت ربة البيت: إلهام ستأتي الآن.
وقال خيري لعلي: أظن أنه حان موعد قيامنا.
وقال علي: مستحيل لا بد أن أبقى. - لماذا؟ - لأرى إلهام هذه. - أتعرفها؟ - دون أن ... - كيف؟ - إنها صديقة لصيقة لابن عمي. - ماذا تقصد بصديقة لصيقة؟ - أي معنى تريد أن تفهمه. - ولكنها متزوجة. - وتريد أن تترك زوجها لتتزوج ابن عمي المجنون بها، والذي ينفق عليها عن جنون أيضا. - هل أنت واثق؟ - أقول لكم إنه ابن عمي.
ناپیژندل شوی مخ