144

خاتم النبیین صلی الله علیه وآله وسلم

خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم

خپرندوی

دار الفكر العربي

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

وكان التجديد ليكون على ما بناه إبراهيم ﵊، وإن قريشا أخذت لهذا البناء أهبته، واتفقت على ألا يكون البناء إلا من مال طيب لا خبث فيه، وأن يكون العمل بنية طيبة خالصة. وقد قال فى ذلك ابن كثير: «كانت الكعبة المشرفة حرزهم ومنعتهم من الناس، وشرفا لهم» لذلك أرادوا بناءها لما خشوا عليها من التهدم، وقد قال أحد كبراء بنى مخزوم، عندما هموا ببنائها: «يا معشر قريش لا تدخلوا فى بنائها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغى، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس» «١» . ١٢١- هذا السياق يدل على مدى تأثرهم بالكعبة المكرمة وتعظيمهم لها، ومكانتها عندهم، ويدل أيضا على أن الكعبة الشريفة واتصالها بالخليل إبراهيم جعلت حبلهم موصولا به، وأوجد ذلك فيهم نوعا من الوجدان الحى، كان هو النبت الذى صار زرع الإيمان والتوحيد من بعد ذلك. وإن ذلك يستدعينا أن نرجع إلى الخليل إبراهيم لنرى كيف كان البناء الأول للبيت، ثم تنزل من بعد ذلك إلى ما كان من بعد. إن إبراهيم أول من بنى البيت، ولا يذكر التاريخ الراجح الصدق ما يشير إلى أنها قد بنيت من قبل إبراهيم ﵊، وقد قال فى ذلك ابن كثير رضى الله عنه: «لم يجيء فى خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل ﵇، ومن تمسك بهذا بقوله تعالى «مكان البيت»، فليس بناهض ولا ظاهر، لأن المراد مكانه المقدر له فى علم الله المقرر فى قدره المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن ادم إلى زمان إبراهيم ...» . ثم يقول عما قيل من أن ادم عندما نزل إلى الأرض نصب قبته فيها، وأن الملائكة قد قالوا: طفنا قبلك بهذا البيت، وأن سفينة نوح طافت به أربعين يوما: «ولكن كل هذه الأخبار عن بنى إسرائيل، وقد قررنا أنها لا تصدق، ولا تكذب» وينتهى من هذا ابن كثير إلى أن التاريخ الإسلامى لا يعرف بانيا للكعبة قبل إبراهيم ﵊، وإننا نقف حيث وقف ولا نسير وراء أوهام أو أساطير لم يوجد من التاريخ الصادق ما يوثقها، ولا من الكتب الدينية الثابتة الصحيحة ما يؤيدها، فلا نهيم فى ظنون وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا «٢» .

(١) البداية والنهاية لابن كثير ج ٢ ص ٣٠١. (٢) سورة النجم: ٢٨.

1 / 150