قصة أيوب عليه الصلاة والسلام
وسألته: عن قول أيوب صلوات الله عليه: { إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب } [ص: 41].
فقال: معنى قوله: { مسني{ فهو ما كان من كلامه ووسوسته له، وذلك أن أيوب صلى الله عليه كان قد جعل ضيافة أضيافه إلى امرأته، فأتاه إبليس اللعين، فقال: يا أيوب إن امرأتك قد فضحتك اليوم في أضيافك. فأتاها فقال: ما الذي حملك على أن تفضحيني في أضيافي، أقسم لأضربنك مائة ضربة بالعصى.
فلما هم بالذي أقسم به من ضربها، أتاه الملعون إبليس، فقال: يا أيوب، سبحان الله! أيحل لك أن تضرب امرأة ضعيفة، لم تجرم جرما ولم تأت قبيحا، ولم تفعل أمرا تستحق به منك ضربا، وليس لها قوة على ضربة واحدة، فكيف مائة ضربة، فلا تهلكها وتأثم بربك في أمرها.
فلما تركها وكف عنها، أتاه من موضع آخر، فقال: يا أيوب، سبحان الله! كيف يحل لك أن تقعد عنها وقد حلفت لتضربنها، ولا ترجع عن يمينك، وتأثم بالله ربك. فلما رجع إليها ليضربها أتاه بالوسوسة على مثل الذي أتاه أولا؛ فلم يزل يفعل كذلك حتى دخله الغم، وعظم عليه الأمر؛ فانقلب على ظهره، وجعل يفكر وينظر، وخالطه من الوسوسة ما غلبه على أمره.
فلم يزل كذلك حتى تقرح ظهره، ولزمه المرض العظيم، واشتد به الأمر، وتمادت به العلة، وذهبت ماشيته، وافترق ماله، ومات أولاده، ومرضت المرأة من الغم والحزن.
فلما رأى ذلك من كان معه في المنزل أخرجوه صلى الله عليه إلى ناحية منه على خط الطريق، وليس يقدر أن يرفع يدا ولا رجلا، واشتد به البلاء وهو مع ذلك صابر محتسب.
فلما كان يوم من الأيام مضى به نفر؛ فلما رأوه ونظروا إلى ما هو فيه من عظيم البلاء وشدة النتن، قالوا: والله لو كان هذا وليا لله لأجابه ولكشف ضره، ولما أصابه شيء من هذا.
مخ ۶۱۲