سفيان ولم أعتمد عليه كان السبب فيه اتكالي على إسرائيل فإنه كان يأتي برواية أبي إسحاق أتم من سفيان وعلى هذا فإسناد الفوت إلى الحديث لا إلى نفسه أدب كما في قولهم فاته الصلوات.
ولفظة [لما] على ما ذكرنا من المعنى تحتمل أن تكون شرطية تفيد معنى الظرفية وتحتمل أن تكون بتخفيف الميم واللام للتعليل، وعلى هذا التقرير يلزم أن يكون ابن مهدي قائل هذا القول لم يأخذ من سفيان روايته مع أنه لا يصح فالصواب في معنى العبارة أن يقال ما فاتني فهمه ولم يدهشني شيء ولم يلقني في حيرة وعمه شيء كما أوحشني وأدهشني حديث سفيان وما ورد على من الاضطراب في روايته على أن يكون الذي بمعنى كالذي والموصوف محذوف أي لم يهلكني شيء كما أهلكني حديث سفيان إلا إذا اتكلت على إسرائيل فإنه تخلصت من الهلكة باتكالي عليه وعلى هذا الأخير لا تكون كلمة «لما» إلا ظرفية، ولا يبعد أن يراد بالموصول الدهش والتحير والاضراب الذي قد كان وقع له في رواية سفيان، والمعنى أن الذي (١) فاتني من الاضطراب لم يفت إلا لاتكالي أو وقت اتكالي على رواية إسرائيل وعلى هذا فكلمة من ليست بيانًا للموصول بل الجار مع المجرور حال من ضمير الفاعل المستتر في الفعل أي لم يذهب مني الاضطراب الناشئ من رواية سفيان إلا وقت اتكالي أو لأجل اتكالي على رواية إسرائيل وهذا المعنى أولى المعاني فيه لولا أن كلمة الفوت لا تستعمل في مثل هذا الذاهب المقصود ذهابه بل كثر استعماله فيما لم يقصد فوته وحبب بقاؤه، والله تعالى أعلم.
[قوله بآخرة] أي في آخر عمر أبي إسحاق وكان قد توسوس في آخر عمره وساء حفظه، وأما زهير فليس به بأس إلا أنه روى عنه في آخره، فلم يعتبر ومما ينبغي أن يتنبه له أن المؤلف أثبت ههنا أن أبا عبيدة بن عبد الله لم يسمع من أبيه
_________
(١) ويكون لفظ فات على هذا المعنى بمعنى زال وذهب يعني لم يذهب الاضطراب ولم يندفع إلا بعد اتكالي على حديث إسرائيل.
1 / 50