234

وفي الصورة أرى شيمون بيريز يبتسم ويبدو كالملاك المرسل من السماء لإنقاذ الشعب الفلسطيني من الهلاك، وفي أسفل الصفحة أرى العساكر الإسرائيليين يسوقون الأطفال/الشباب الفلسطينيين العرايا الصدور المغطاة عيونهم بالأربطة، والمقيدة أيديهم وراء ظهورهم بالسلاسل، تطل عليهم من فوق الصفحة ابتسامة شيمون بيريز الملائكية، تودعهم برقة وحنان إلى مثواهم الأخير.

وماذا يحدث في بلادنا العربية؟ هناك خبر يقول إنها مشغولة بأحداث أخرى أكثر أهمية، وذلك أنهم يحاولون تتبع مسار «القمر» في السماء بالعين المجردة، لمعرفة متى يبدأ عيد الأضحى المبارك، وكيف أن القمر الجديد سيولد من القمر القديم ليلة الثلاثاء 21 فبراير 2002.

تعمدت صحف نيويورك في الشهور الأخيرة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 أن تضغط على المملكة العربية السعودية على نحو رقيق خفيف، أو تنشر بعض الدعابات الخفيفة، ذلك أن اعتماد الأمريكيين على البترول السعودي يجعل اللهجة مؤدبة في التعامل السياسي والصحفي، بخلاف اللهجة القاسية الموجهة لحكومات عربية أخرى غير بترولية.

وقد ارتفعت أصوات أمريكية تحرض جورج بوش على عقاب المملكة العربية السعودية كغيرها من الدول التي تساند الإرهاب، أو ما تسميه أمريكا الإرهاب الإسلامي، وكتب أحدهم في الصحف منذ أيام يقول: «لماذا هذا التراخي الأمريكي للسعودية ، هل لأنها تملك البترول الأرخص والأنقى الذي نحتاج إليه نحن الأمريكيين؟»

إلا أن الصحف اتهمت هذا الكاتب بالرومانتيكية أو السذاجة السياسية، وقالت إن الفلسفة البراجماتية الأمريكية لا تعترف بالعواطف الرومانتيكية والأحلام المستحيلة في الحب والسياسة، وأنه طالما هناك بترول عربي أرخص وأنقى من أي بترول في العالم فلن تكف الولايات المتحدة عن مغازلة البلاد العربية الثرية بالبترول؛ بل إن الولايات المتحدة على استعداد للتفاوض مع (السري أو العلني) مع أي دولة عربية بترولية، وإن كانت في محور الشر سابقا أو لاحقا كالعراق أو ليبيا أو غيرهما.

نيويورك، فبراير 2002

عيد الحب وعيد المسلمين على شاطئ هدسون

أتمشى على شاطئ نهر هدسون ما بين نيويورك ونيو جيرسي، الشمس تظهر وتختفي تحت السحب، نحن في شهر فبراير عام 2002، يقولون عنه الشتاء الدافئ، كانت الشمس ساطعة معظم الوقت، وأنا أحب هذه الشمس الدافئة، تلامس وجهي كأنامل أمي، تذكرني بالوطن والحب والسجن، ربما تكون هناك علاقة بين الحب والسجن، أهي الحرية نفقدها حين نعيش الحب؟ أو الوطن والحب معا؟!

جاءني في الصباح صوت ابنتي من القاهرة، يشبه تغريد عصفورة عند ظهور أول خيوط الفجر: كل سنة وأنت طيبة يا أمي. - النهاردة إيه يا منى؟ - عيد الحب يا أمي.

إنها ابنتي الكاتبة الأدبية «منى حلمي»، الوحيدة في أسرتي التي تذكرني بالأعياد، ولا أحد يتذكر عيد ميلادي إلا هي، ربما يذكرني أحيانا زوجي «الروائي شريف حتاتة» حينما لا يكون مشغولا بشيء أهم، أما ابني «عاطف حتاتة، المخرج السينمائي» فهو ضعيف الذاكرة فيما يخص أعياد ميلاد أمه وأبيه وأخته وغيرهم من أعضاء الأسرة البيولوجية، وكنت مثل ابني منذ أربعين عاما وأنا في ريعان الشباب، لم أكن أتذكر عيد ميلاد أمي أو أبي، أو عيد ميلادي، كان بيتنا يشهد كل عام مولد طفل جديد، وأبي يزمجر حين يطلب منه الاحتفال بعيد ميلاد طفل من أطفاله، ويقول ساخرا:

ناپیژندل شوی مخ