المشكلات هي من صنع العرب أنفسهم شعوبا أو حكومات، أما واشنطن وإسرائيل فهما بريئتان من الذنب، ولا علاقة لهما بمشاكل العرب، بالإضافة إلى أنهما تستخدمان كلمة «المنشقين» وهي كلمة ترن في الأذن «سلبية» لتصفني وتصف أمثالي الذي ينبهون إلى دور واشنطن وإسرائيل في النكبات التي تحدث في بلادنا، ونحن لسنا منشقين فحسب في رأي «النيوزويك» بل نحن أيضا نلجأ إلى أسهل تفسير لما يمر مع العرب من مشاكل، وهذا تمويه وخداع كبير لأننا أولا لسنا «منشقين»، بل نحن نعبر عن الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية، وهي الأغلبية الصامتة التي لا يصل صوتها لمنابر الإعلام العربي إلا نادرا، أما الاستسهال فهو من نصيب الآخرين الذين نشرت المجلة آراءهم باعتبارها الآراء العظيمة التي يجب علينا اتباعها، ومنها رأي بعض المعلقين الأمريكيين مثل: توماس فريد مان في صحيفة «نيويورك تايمز» الذي مدح التقرير: «وشعر بالتشجيع لأن لديه شركاء عربا ليبراليين، من أجل تغيير العالم العربي»، وإذا لم يرفع أكبر عدد من الناس أصواتهم بمثل ما يقوله «توماس فريد مان» فإن تقرير التنمية القادم عن العالم العربي قد يكون أكثر قتامة من التقرير الحالي.
وهذا هو ختام الموضوع في مجلة «النيوزويك»، وهو ختام يتفق تماما مع أهداف السياسة الأمريكية والإعلام الأمريكي، سواء كان في «النيويورك تايمز» أو «النيوزويك»، أو عدد كبير من الصحف والمجلات المنتشرة في بلادنا العربية، والتي يكتب فيها أغلب النخب والمثقفين العرب.
وهنا آتي إلى النقطة قبل الأخيرة في مقالي وهي: (5) انخفاض وعي النخبة العربية
ربما لا يختلف تقرير الأمم المتحدة كثيرا عن تقارير أغلب النخب العربية عن التنمية في بلادنا، أو مشاريعهم للنهوض بالأمة العربية من كبوتها الراهنة، وقد تأثر أغلبهم بالكتب الأمريكية التي نشرت مؤخرا، ومنها كتاب «لويس برنار» بعنوان: «ما هو الخطأ في علاقة الإسلام بالغرب؟»
وكم انبهرت النخب العربية بهذا المفكر الأمريكي؛ لأنه لا يعتبر الخطأ في الدين الإسلامي «كما يفعل صمويل هانتجتون وفرانسيس فوكاياما وسلمان رشدي وغيرهم»، بل يعتبر الخطأ في العرب أنفسهم ... في المسلمين، ويقول في كتابه ما يلي:
لقد انتهى الاستعمار منذ نصف قرن وأصبحنا نعيش عصر ما بعد الاستعمار
لكن العرب والمسلمين يعلقون المشكلة على الغير، ويتساءلون دائما: من فعل بنا هذا؟ كأنهم ضحايا طول الوقت للقوى الخارجية، والمفروض أن يسألوا أنفسهم: ما الخطأ فينا نحن؟ وماذا نفعل لتغيير أنفسنا؟ أما أن يحملوا الخطأ على غيرهم فهذا هو الخطأ.
وهذا الكلام فيه جزء من الحقيقة، إلا أنه ينطوي على خداع كبير، ذلك أن عصر الاستعمار لم ينته، كما يقول لويس برنار، ونحن نعيش عصر الاستعمار الجديد
New-Colonial
وليس عصر ما بعد الاستعمار أو ما يسمونه باللغة الإنجليزية ما بعد الكولونيالية
ناپیژندل شوی مخ