عذيري من الإنسان لا إن جفوته ... صفا لي ولا إن صرت طوع يديه
وإني لمشتاق إلى ظل صاحب ... يروق ويصفو إن كدرت عليه
فسمع المأمون وجميع من حضر المجلس من المغنين وغيرهم ما لم يعرفوه واستطرفه المأمون وقال: ادن يا علوية وردده، فردده عليه سبع مرات فقال المأمون يا علوية خذ الخلافة وأعطني هذا الصاحب. قال أبو نواس: دخلت خربة فرأيت قربة مملوءة ماء مستندة إلى حائط، فلما توسطت الخربة أبصرت نصرانيًا وفوقه سقاء فلما رآني قام عن النصراني وأخذ قربته وهرب فقام النصراني غير وجل يشد سراويله في وجهي وهو يقول: يا أبا نواس إياك أن تلوم أحدًا على مثل هذه الحال فإن لومك له إغراء قال فأخذت من كلامه قولي هذا دع عنك لومي فإن اللوم إغراء.
حدث عمرو بن سعيد قال: كنت في نوبتي في الحرس في أربعة آلاف إذ رأيت المأمون قد خرج ومعه غلمان صغار وشموع فلم يعرفني فقال: من أنت؟ فقلت عمرو عمرك الله، ابن سعيد أسعدك الله، ابن مسلم سلمك الله. فقال: أنت تكلؤنا منذ الليلة فقلت الله يكلؤك يا أمير المؤمنين وهو خير حافظًا وهو أرحم الرا حمين فتبسم من مقالي ثم قال:
إن أخا الهيجاء من يسعى معك ... ومن يضر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب زمان صدعك ... بدد شمل نفسه ليجمعك
يا غلام أعطه أربع مائة فقبضتها وانصرفت.
قال المأمون ليحيى بن أكثم: ما العشق؟ فقال: سوانح تسنح للمرء يهيم بها قلبه وتتأثر بها نفسه فقال له ثمامة: اسكت يا يحيى إنما عليك أن تجيب في مسألة طلاق أو محرم صاد صيدًا فأما هذه فمن مسائلنا فقال المأمون قل: يا ثمامة فقال: هو جليس ممنع وصاحب مالك مذاهبه غامضة وأحكامه جارية ... يملك الأبدان وأرواحها. والقلوب وخواطرها. والعقول وألبابها. قد أعطي عنان طاعتها. وقوة تصريفها فقال له: أحسنت وأعطي ألف دينار.
قال في كتاب حياة الحيوان نقلًا عن ابن الأثير في كامل التاريخ في حوادث سنة ستمائة وثلاث وعشرون قال: كان لنا جار وله بنت اسمها صفية، فلما صار عمرها
1 / 11