عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ﵁ أن فقيرًا أتى النبي ﷺ وعنده رجل غني فكف الغني ثيابه عنه، فقال رسول الله ﷺ ما حملك على ما صنعت؟ أخشيت أن يلصق فقره بك أو يلصق غناك به؟ ﴿فقال يا رسول الله: إذا قلت هذا فله نصف مالي، فقال رسول الله للفقير: أتقبل منه قال: لا، قال: ولم؟ قال أخاف أن يدخلني ما دخله. روى أنه كان في جبل لبنان رجل من العباد منزويًا عن الناس في غار في ذلك الجبل، وكان يصوم النهار ويأتيه كل ليلة رغفيف يفطر على نصفه ويتسحر بالنصف الآخر، وكان على ذلك الحال مدة طويلة لا ينزل من ذلك الجبل أصلًا، فاتفق أن انقطع عنه الرغيف ليلة من الليالي، فاشتد جوعه وقل هجوعه فصلى العشائين وبات في تلك الليلة في انتظار شيء يدفع به الجوع فلم يتيسر له شيء، وكان في أسفل ذلك الجبل قرية سكانها نصارى فعندما أصبح العابد نزل إليهم واستطعم شيخًا منهم فأعطاه رغيفين من خبز الشعير، فأخذهما وتوجه إلى الجبل وكان في دار ذلك الشيخ كلب جرب مهزول، فلحق العابد ونبح عليه وتعلق بأذياله فألقى عليه العابد رغيفًا من ذينك الرغيفين ليشتغل به عنه، فأكل الكلب ذلك الرغيف ولحق العابد مرة أخرى وأخذ في النباح والهرير فألقى إليه العابد الرغيف الآخر فأكله ولحقه تارة ثالثة واشتد هريره وتشبث بذيل العابد ومزقه فقال العابد سبحان الله﴾ إني لم أر كلبًا أقل حياءً منك إن صاحبك لم يعطني إلا رغيفين وقد أخذتهما مني ماذا تطلب بهريرك وتمزق ثيابي، فأنطق الله تعالى الكلب فقال: لست أنا قليل الحياء، إعلم أني ربيت في دار النصراني أحرس غنمه وأحفظ داره وأقنع بما يدفع إلي من خبز أو عظام، وربما نسيني فأبقى أيامًا لا آكل شيئًا ربما تمضي أيام لا يجد هو لنفسه شيئًا ولا لي ومع ذلك لم أفارق داره منذ عرفت نفسي ولا توجهت إلى باب غيره، بل كان دأبي أنه إن حصل شيء شكرت وإلا صبرت، وأما أنت فبانقطاع الرغيف عنك ليلة واحدة لم يكن عندك صبر ولا كان لك تحمل حتى توجهت من باب رزاق العباد إلى باب نصراني وطويت كشحك عن الحبيب وصالحت عدوه المريب فقل أينا أقل حياءً أنا أم أنت؟ فلما سمع العابد ذلك ضرب بيديه على رأسه وخر مغشيًا عليه مات لأبي الحسين بن الجزار حمار فكتب إليه بعض أصحابه
مات حمار الأديب قلت لهم ... مضى وقد فات فيه ما فاتا
1 / 27