وأما الخاتمة:
فنقول: إذ قد عرفت ما أفدناه في هذه الفصول، واطلعت على نفائس أسرار هذا المطلوب، وعلمت بذلك سهولة الطريق، وقرب المسافة وإزاحة العلل، وقطع الموانع، فشمر العزم، وجد في الطلب، واقطع المراحل، وسر في الطريق، إذ لا عذر لك في التخلف عن لحوق الرفقة بعد رفع الاعذار، ومعرفتك بسهولة المسلك وحاجتك إليه، فحصل الأهبة لتصلح للرحلة، وأجمع الشرائط لتصل إلى المقصود، واقطع عن نفسك علائق البطالة، وجود النظر، وأكثر من الفكر، وكن دائم الحركة، فإن فرضك السير والسلوك، وقطع المراحل، وإياك والسكون، والتردد الخالي عن الجزم، فانه أقطع القواطع، وأحجب الحجب عن الوصول إلى المراتب العلية، ولا تكثر الالتفات إلى ما ورائك، فإن لك في كل يوم عقبة ترقاها، ومرحلة تقطعها، تجد بها لنفسك الكمال، وتقفوا بها آثار السلف الذين كانت هذه صفاتهم فاسبر أحوالهم وطالع في أقوالهم وانظر في تصرفاتهم في الحوادث، لتكون سالكا مسلكهم، وتابعا لآثارهم، ومقتديا بأفعالهم، تهتدي بهداهم الذي وفقهم إليه الحق جل وعلا، بعد معرفته بمجاهدتهم، وحق فيهم قوله والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا (1) فإذا اقتديت بهم وفقت لما وفقوا له، وافيض عليك من العنايات السبحانية ما يوصلك إلى مطالبهم التي وصلوا إليها على قدر استعدادك.
وإياك وأهل البطالة، والمتكاسلين عن مراتب السعادة، والمتكلين على تقليد الأموات، فانهم مصايد الشيطان واخوان الجهل، فاحذرهم ان
(1) سورة العنكبوت: 69.
مخ ۱۵۲