التكليف، لعموم الأدلة، وإنما الفائدة في معرفة تلك المسائل، ما ذكرناه أولا، وليعرف به كيفية سلوكهم وتصرفهم في تلك المسائل، ليحذي حذوهم، وليسلك جادتهم، وينظر في أدلتهم، ويعرف وفاقهم وخلافهم، ليكون تصرفه فيها وفي الحوادث الواقعة له المماثلة لها، موافقا لتصرفهم، لئلا يخرج عن قانونهم فيقع في الخطأ، وليس الغرض من وضع الكتب غير ذلك.
ويكفيه في ذلك مطالعة الكتب الفقهية، التي وضعها أصحابنا، فانها كثيرة، أحسنها شرائع الأحكام (1) للشيخ نجم الذين يحيى بن سعيد الحلي
(1) شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، يعد من أحسن المتون الفقهية ترتيبا وجمعا للفروع، ويمتاز بمنهجية جديدة في تبويب الفقه لم يسبقه أحد في ذلك، بتقسيمه للفقه الى أربعة أقسام، عبادات وعقود وإيقاعات وأحكام، وقد ذكروا وجه الحصر في ذلك. قال في قاموس الرجال: «هو أول من جعل الكتب الفقهية بترتيب المتأخرين، فجمع لب ما في النهاية للشيخ وما في مبسوطه وخلافه، اللذين كانا على حذو كتب العامة في جمع الفروع».
ويمتاز بميزة اخرى في ترتيبه للأحكام، فقد التزم بقاعدة معينة في الأحكام حيث ابتدأ بالواجب في كل حكم. فاتبعه بالندب وبعده بالمكروه وأخيرا بالمحرم إن وجد. صرح بهذه القاعدة في كتابه «المعتبر».
وقد ولع الأصحاب بكتاب الشرائع أي ولع، فقد أصبح كتابا دراسيا من لدن عصر المؤلف والى اليوم حيث قرأناه خلال دراستنا لعلوم الشريعة. فترى ان الموسوعات الفقهية الضخمة كالمسالك والمدارك وجواهر الكلام كلها شروحا للشرائع.
طبع الكتاب عدة طبعات حجرية وحروفية مستقلا بنفسه أو ضمن شروحه. فقد طبع في النجف الأشرف بتحقيق عبد الحسين محمد علي البقال سنة 1969. ثم توالت الطبعات المنقحة بعد ذلك مع شروح مختصرة وتوضيحات للعبارة تناسب مستوى الطلبة الدارسين له.
وكتاب الشرائع من تأليف أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي المعروف بالمحقق الحلي. ولد سنة 602 ه وتوفي في الحلة، وقبره مزار معروف في محلة الجباوين، ويوجد شارع يمر من مزاره الشريف يعرف بشارع المحقق حتى اليوم.
ويقال: إنه حمل الى مشهد أمير المؤمنين كما في لؤلؤة البحرين. ويمكن ان يكون دفن بالحلة أولا ثم نقل الى النجف كما جرى للسيدين المرتضى والرضي، ذكر ذلك صاحب الاعيان.
الذريعة: ج 13 ص 47.
لؤلؤة البحرين: ص 232. بتحقيق محمد صادق بحر العلوم ط النجف.
مخ ۹۸