أما التفسير:
فلما عرفت من أن أكثر الأحكام مأخوذة من الكتاب العزيز، وهو قد اشتمل على معاني متعددة، وبطون متكثرة، ومحامل عدة، بحث عنها أهل التفاسير. وتختلف الأحكام والتكاليف باختلاف أقاويلهم فيها، فلا بد من الاطلاع على تلك التفاسير، والمعرفة بأقوال المفسرين، والعلم بأحوال تلك المعاني، ليكون قادرا على الاستدلال، واستنباط الحكم من الآيات القرآنية، وبدونه لا يحصل ذلك.
وأما الحديث:
فلأن القرآن العزيز وإن اشتمل على كثير من الأحكام، إلا أنه غير ضابط لمجموعها، ولا لمجموع فروع الشريعة، وفي السنة النبوية والإمامية شيء كثير من الأحكام، فلا بد من الاطلاع عليها، والعلم بمآخذها، والبحث عن صفاتها وحقائقها، ليعرف تلك الفروع الدالة عليها تلك الأحاديث، ليستغني عن الاستدلال عليها، ويأخذ أحكامها منها، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وآله) لمعاذ لما بعثه قاضيا إلى اليمن: «بم تحكم يا معاذ؟ فقال بكتاب الله، قال فإن لم تجد؟ قال فبسنة رسول الله» (1).
حكم (صلى الله عليه وآله) بأن معاذا قد لا يجد الحكم في كتاب الله، وقرر معاذ أنه يأخذه من سنته (عليه السلام)، وأقره على ذلك ولم ينكره عليه، فكان دالا على أن الحكم قد يكون في الكتاب، وقد يكون في السنة، وقد يكون فيهما، فلا بد من معرفة السنة، وهي: الأحاديث المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام).
(1) تقدم تخريجه في ص 16.
مخ ۶۹