314

کاشف امین

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

ژانرونه

علوم القرآن

بحث مفيد في باب التوحيد

تتمة لباب التوحيد

اعلم أن الله سبحانه وتعالى لا تنال أفكار المتفكرين الإحاطة به علما، ولا طريق لعقول ذوي الألباب المستبصرين إلى الدراية بكنه له ظنا ولا جزما، دع عنك من يرمي بالأقوال من المتجاسرين تخمينا ورجما، لأنه لما لم يكن للخلق طريق إلى العلم به تعالى إلا التفكر في مصنوعاته والتدبر في كيفيات مخلوقاته، وكان الصنع إنما يدل بذاته على وجود صانعه وأنه قادر عليه وبإتقانه وحسن ترتيبه على أن صانعه عالم به حكيم، وأن القادر العالم لا بد أن يكون حيا، ثبت لا محالة وصف الله تعالى بما ذكر من أنه تعالى موجود قادر عالم حي حكيم، ثم لزم بإعادة النظر أن هذا الصانع لا يجوز عليه شيء من صفات ذلك الصنع المحدث فلا يصح أن يكون صانعه محدثا، وأن هذه الصفات ثابتة له لذاته لا لفاعل ولا لعلة ولا أي مؤثر وأنه لا يصح أن يكون جسما، ولا عرضا، ولا يصح عليه ما يصح عليهما من الرؤية ونحوها من سائر الإدراكات بإحدى الحواس، ولا الحاجة، ولا مشاركة له في صنعه، فلزم وصفه تعالى بأنه قديم لا يشبه الأشياء ولا تجوز عليه الحاجة، وأنه واحد ليس معه إله ثان، ثم لا مجال للعقول إلى إثبات وصف ولا نفيه سوى ما ذكر فيجب الاقتصار عليه.

قال الإمام القاسم عليه السلام في الأساس والشارح عليه السلام في الشرح ما لفظه: والعلم بأن للمصنوع صانعا لا يستلزم معرفة كنه صانعه -أي معرفة حقيقة صانعه بالإحاطة من جميع الوجوه-، وإنما يستلزم أن له صانعا قادرا حيا عليما حكيما كالآثار المصنوعة الموجودة في القفار، فإن العقل لا يهتدي إلى معرفة كنه ذات صانعها من كونه طويلا أو قصيرا أو أبيض أو أسود أو نحو ذلك، وإنما يحكم العقل بأن لها صانعا حيا قادرا عالما حكيما الخ.

مخ ۳۴۶