145

الكشف والبيان

الكشف والبيان

پوهندوی

الإمام أبي محمد بن عاشور

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢٢

د چاپ کال

هـ - ٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

فبقي الاسم عليهم كما بقي الإسلام على أمّة محمد ﷺ والصابئين زمن استقامتهم من آمن منهم أي مات منهم وهو مؤمن لأنّ حقيقة الإيمان المؤاخاة. قال: ويجوز أن تكون الواو فيه مضمرا: أي ومن آمن بعدك يا محمد إلى يوم القيامة. والطريق الآخر: إنّ المذكورين في أول الآية بالإيمان إنّما هو على طريق المجاز والتسمية دون الحكم والحقيقة، ثمّ اختلفوا فيه: فقال بعضهم: إنّ الذين آمنوا بالأنبياء الماضين والكتب المتقدمة ولم يؤمنوا بك ولا بكتابك. وقال آخرون: يعني به المنافقين أراد: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالَّذِينَ هادُوا: أي اعتقدوا اليهودية وهي الدين المبدّل بعد موسى ﵇، وَالنَّصارى: هم الذين اعتقدوا النصرانية والدّين المبدّل بعد عيسى، وَالصَّابِئِينَ: يعني أصناف الكفّار مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ من جملة الأصناف المذكورين في الآية. وفيه اختصار وإضمار تقديره: من آمن منهم بالله واليوم الآخر لأنّ لفظ (من) يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث. قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ «١» وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ «٢» وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ «٣» . قال وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ «٤»، وقال الفرزدق في التشبيه: تعال فإن عاهدتني لا تخونني ... تكن مثل من ناديت يصطحبان «٥» وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما قدّموا. وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلّفوا، وقيل: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ بالخلود في النار، ولا يحزنون بقطيعه الملك الجبّار، ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من الكبائر وإنّي أغفرها، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على الصغائر فإنّي أكفّرها. وقيل: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما تعاطوا من الإجرام، وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما اقترفوا من الآثام لما سبق لهم من الإسلام الآثام.

(١) سورة الأنعام: ٢٥. (٢) سورة يونس: ٤٣. (٣) سورة يونس: ٤٢. (٤) سورة الأحزاب: ٣١. (٥) لسان العرب: ١٣/ ٤١٩.

1 / 210