الكشف والبيان
الكشف والبيان
پوهندوی
الإمام أبي محمد بن عاشور
خپرندوی
دار إحياء التراث العربي
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٢
د چاپ کال
هـ - ٢٠٠٢ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
قال الفرّاء: يقال لكل من أحدث دينا: قد صبأ وأصبأ بمعنى واحد، وأصله الميل، وأنشد:
إذا أصبأت هوادي الخيل عنّا ... حسبت بنحرها شرق البعير
واختلفوا في الصّابئين من هم:
قال عمر: هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب، وبه قال السدي.
وقال ابن عباس: لا تحل ذبائحهم ولا مناكحة نسائهم.
وقال مجاهد: هم قبيلة نحو الشّام بين اليهود والمجوس لا دين لهم «١» .
وقال السدي: هم طائفة من أهل الكتاب، وهو رأي أبي حنيفة.
وقال قتادة ومقاتل: هم قوم يقرّون بالله ﷿، ويعبدون الملائكة، ويقرءون الزبور ويصلّون إلى الكعبة، أخذوا من كل دين شيئا.
الكلبي: هم قوم بين اليهود والنصارى، يحلقون أوساط رؤوسهم ويحبّون ذاكرهم.
عبد العزيز بن يحيى: درجوا وانقرضوا فلا عين ولا أثر.
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اختلفوا في حكم الآية ومعناها، ولهم فيها طريقان:
أحدهما: إنّه أراد بقوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا على التحقيق وعقد التصديق، ثم اختلفوا في هؤلاء المؤمنين من هم؟ فقال قوم: هم الذين آمنوا بعيسى ثم لم يتهوّدوا ولم يتنصّروا ولم يصبئوا، وانتظروا خروج محمد ﷺ.
وقال آخرون: هم طلّاب الدين، منهم: حبيب النجّار، وقيس بن ساعدة، وزيد بن عمرو ابن نفيل، وورقة بن نوفل، والبراء السّندي، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، ويحيى الراهب، ووفد النجاشي. آمنوا بالنبي ﷺ قبل مبعثه، فمنهم من أدركه وتابعه، ومنهم من لم يدركه.
وقيل: هم مؤمنو الأمم الماضية.
وقيل: المؤمنون من هذا الأمة.
وَالَّذِينَ هادُوا يعني الذين كانوا على دين موسى ﵇ ولم يبدّلوا ولم يغيّروا.
وَالنَّصارى: الذين كانوا على دين عيسى ﵇ ولم يبدّلوا وماتوا على ذلك.
قالوا: وهذان اسمان لزماهم زمن موسى وعيسى ﵉، حيث كانوا على الحق
(١) الدر المنثور: ١/ ٧٥.
1 / 209