144

الكشف والبيان

الكشف والبيان

پوهندوی

الإمام أبي محمد بن عاشور

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢٢

د چاپ کال

هـ - ٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

قال الفرّاء: يقال لكل من أحدث دينا: قد صبأ وأصبأ بمعنى واحد، وأصله الميل، وأنشد: إذا أصبأت هوادي الخيل عنّا ... حسبت بنحرها شرق البعير واختلفوا في الصّابئين من هم: قال عمر: هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب، وبه قال السدي. وقال ابن عباس: لا تحل ذبائحهم ولا مناكحة نسائهم. وقال مجاهد: هم قبيلة نحو الشّام بين اليهود والمجوس لا دين لهم «١» . وقال السدي: هم طائفة من أهل الكتاب، وهو رأي أبي حنيفة. وقال قتادة ومقاتل: هم قوم يقرّون بالله ﷿، ويعبدون الملائكة، ويقرءون الزبور ويصلّون إلى الكعبة، أخذوا من كل دين شيئا. الكلبي: هم قوم بين اليهود والنصارى، يحلقون أوساط رؤوسهم ويحبّون ذاكرهم. عبد العزيز بن يحيى: درجوا وانقرضوا فلا عين ولا أثر. مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ اختلفوا في حكم الآية ومعناها، ولهم فيها طريقان: أحدهما: إنّه أراد بقوله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا على التحقيق وعقد التصديق، ثم اختلفوا في هؤلاء المؤمنين من هم؟ فقال قوم: هم الذين آمنوا بعيسى ثم لم يتهوّدوا ولم يتنصّروا ولم يصبئوا، وانتظروا خروج محمد ﷺ. وقال آخرون: هم طلّاب الدين، منهم: حبيب النجّار، وقيس بن ساعدة، وزيد بن عمرو ابن نفيل، وورقة بن نوفل، والبراء السّندي، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، ويحيى الراهب، ووفد النجاشي. آمنوا بالنبي ﷺ قبل مبعثه، فمنهم من أدركه وتابعه، ومنهم من لم يدركه. وقيل: هم مؤمنو الأمم الماضية. وقيل: المؤمنون من هذا الأمة. وَالَّذِينَ هادُوا يعني الذين كانوا على دين موسى ﵇ ولم يبدّلوا ولم يغيّروا. وَالنَّصارى: الذين كانوا على دين عيسى ﵇ ولم يبدّلوا وماتوا على ذلك. قالوا: وهذان اسمان لزماهم زمن موسى وعيسى ﵉، حيث كانوا على الحق

(١) الدر المنثور: ١/ ٧٥.

1 / 209