أقول: قال أبو علي بن سينا الوجود أما ذهني وأما خارجي والمشترك بينهما هو الشيئية فإن أراد حمل الشيئية على القدر المشترك وصدقها عليه فهو صواب وإلا فهو ممنوع إذا عرفت هذا فنقول الشيئية والذاتية والجزئية وأشباهها من المعقولات الثانية التي تعرض للمعقولات الأولى لأنها لا تعقل إلا عارضة لغيرها من الماهيات وليست متأصلة في الوجود كتأصل الحيوانية والإنسانية فيه بل هي تابعة لغيرها في الوجود وليس يمكن وجود شيئية مطلقة فلا شئ مطلقا ثابت إنما الثبوت يعرض للماهيات الشخصية المخصوصة.
المسألة التاسعة عشرة: في تمايز الأعدام قال: وقد يتمايز الأعدام ولهذا استند عدم المعلول إلى عدم العلة لا غير ونافى عدم الشرط وجود المشروط وصحح عدم الضد وجود الآخر بخلاف باقي الأعدام.
أقول: لا شك في أن الملكات متمايزة وأما العدميات فقد منع قوم من تمايزها بناء على أن التميز إنما يكون للثابت خارجا وهو خطأ فإنها تتمايز بتمايز ملكاتها واستدل المصنف (قده) بوجوه ثلاثة الأول أن عدم المعلول يستند إلى عدم العلة ولا يستند إلى عدم غيرها فلولا امتياز عدم العلة عن عدم غيرها لم يكن عدم المعلول مستندا إليه دون غيره وأيضا فإنا نحكم بأن عدم المعلول لعدم علته ولا يجوز العكس فلولا تمايزها لما كان كذلك الثاني أن عدم الشرط ينافي وجود المشروط لاستحالة الجمع بينهما لأن المشروط لا يوجد إلا مع شرطه وإلا لم يكن الشرط شرطا وعدم غيره لا ينافيه فلولا الامتياز لم يكن كذلك الثالث أن عدم الضد عن المحل يصحح وجود الضد الآخر فيه لانتفاء صحة وجود الضد الطاري مع وجود الضد الباقي وعدم غيره لا يصحح ذلك فلا بد من التمايز.
مخ ۳۴