أقول: إعلم أن الوجود عبارة عن الكون في الأعيان ثم إن هذا الكون في الأعيان قد يؤخذ عارضا لماهية ما فيتخصص الوجود حينئذ وقد يؤخذ مجردا من غير التفات إلى ماهية خاصة فيكون وجودا مطلقا إذا عرفت هذا فالوجود العام يقابله عدم مطلق غير متخصص بماهية خاصة وهذا الوجود المطلق والعدم المطلق قد يجتمعان على الصدق فإن المعدوم في الخارج الموجود في الذهن يصدق عليه أنه معدوم مطلق وأنه موجود مطلق نعم إذا نظر إلى وحدة الاعتبار امتنع اجتماعهما في الصدق على شئ واحد وإنما يجتمعان إذا أخذا لا باعتبار التقابل ولهذا كان المعدوم مطلقا متصورا للحكم عليه بالمقابلة للموجود المطلق وكل متصور ثابت في الذهن والثابت في الذهن أحد أقسام مطلق الثابت فيكون الثابت مطلقا صادقا على المعدوم المطلق لا باعتبار التقابل وهذا الوجود المطلق والعدم المطلق أمران معقولان وإن كان قد نازع قوم في أن المعدوم المطلق غير متصور وأما الوجود الخاص وهو وجود الملكات المتخصص باعتبار تخصصها فإنه يكون مقيدا كوجود الإنسان مثلا المقيد بقيد الإنسان وغيره من الماهيات فإنه يقابله عدم مثله خاص.
المسألة الخامسة عشرة: في أن عدم الملكة يفتقر إلى الموضوع قال: ويفتقر إلى الموضوع كافتقار ملكته أقول: عدم الملكة ليس عدما مطلقا بل له حظ ما من الوجود ويفتقر إلى الموضوع كإفتقار الملكة إليه فإنه عبارة عن عدم شئ آخر مع إمكان اتصاف ذلك الموضوع بذلك الشئ كالعمى فإنه عدم البصر لا مطلقا ولكن عن شئ من شأنه أن يكون بصيرا فهو يفتقر إلى الموضوع الخاص المستعد للملة
مخ ۳۱