الفصل الحادي والخمسون: وأنت تعلم يا ولدي محمد من نفسك ومن غيرك أن العقول ما تقوم بذاتها بكشف مراد الله جل جلاله منها على التفصيل وأنها لا بد لها من واسطة بين الله جل جلاله وبينها يدلها إلى مراده جل جلاله في كل ما يحتاج إلى معرفته به من كثير أو قليل أفلا ترى أن العقول كانت مع أصحابها قبل إرسال الله جل جلاله جدك محمدا صلوات الله عليه إليهم كانوا عاكفين على عبادة الأصنام والأحجار والأخشاب يضحك الشيطان بها عليهم وبلغوا إلى أخس وأدبر من الدواب لان الدابة لو تركت بغير سائق ولا قائد ما مشت إلا إلى ما يعتقد فيه نفعا بسبب من الأسباب والذين عبدوا الأصنام ما كانت نافعة لهم ولا دافعة عنهم وهي مساوية لسائر الأحجار والأخشاب حتى تفضل الله جل جلاله عليهم بجدك محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله فأيقظ العقول من رقدتها وكشف عنها غطاء جهالتها فأبصرت ما كان مستورا عنها ووجدت ما كان عمياء عنه فهو أقرب قريب منها فعلمهم آداب الدنيا والآخرة وفتح لهم كنوز العلوم الباهرة فصنفوا الكتب في عجائب الألباب التي كانت دارسة وأوضحوا عن طرق الآداب التي كانت طامسة وكفى بذلك دلالات ضروريات على وجوب رسالته وصحتها وثبوت ما اشتملت عليه من الآيات.
الفصل الثاني والخمسون: وكيف يحتاج يا ولدي محمد الان من يخالط أهل الافهام ومن نشأ في بلاد الاسلام إلى طلب دلالة على نبوة جدك محمد العظيم الشأن أو إطالة النظر في التحدي بالقرآن وقد وجد المسلمون صدقه صلوات
مخ ۳۳