سيدهم استحيوا منه أكثر من اطلاع مالكهم عليهم ولو طلب سلطان قربهم ما سامحوا ببعده ولو أسخطهم آدمي يحتاجون إليه ما هونوا سخطه ولو وعدهم كريم من بني آدم وثقوا به أكثر من وثوقهم بوعد الله ولو تهددهم آدمي بعقاب خافوا من تهديده أكثر من تهديد الله جل جلاله ولو طالب مجاورتهم من يرجون منفعته الفانية اجتهدوا في مجاورته وهم لا يريدون مجاورة الله جل جلاله وشريف صحبته ولو غلب على ظنهم في الأقطار أو البحار من ينفع عوض القيراط أكثر من دينار سافروا إليه واحتملوا عظيم الاخطار في الاسفار ولا يسهل عليهم السفر إلى رضاء الله جل جلاله لطلب أعظم من تلك المنافع والمسار فهل تعرف أن ملكا أو مالكا أو راعيا أو سلطانا أو أحدا جرى له مع مماليكه المحتاجين إليه ما جرى لله جل جلاله مع بني آدم المتجرئين عليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون مما جرت حالهم عليه.
الفصل الثامن والأربعون: وينبغي يا ولدي محمد أسعدك الله جل جلاله بإقباله ومكاشفة جلاله أن تعتقد أن يوم تشريفك بالتكليف كان من أعظم أيام الأعياد وأن وقت تعريفه لك بعظمته واستخدامك في طاعته كان من أشرف أوقات الاسعاد والارفاد كما قدمناه وإياك أن يخطر ببالك ثواب أو جزاء على طاعتك أو خدمتك فإنك ترى العقول قاضية بأن السلطان الكامل الذي يرجى إحسانه بالتقرب إليه يرشى وتبذل النفوس والرؤوس في التقرب منه والانفاق عليه فتعلم أن كل من أحسن إحسانا كثيرا إلى عبد من العباد فإنه يجد من نفسه لزوم خدمته والوفاء له ومتابعة إرادته بغاية الاجتهاد فلأي
مخ ۳۱