کراهت او دوستي، یرغل او مینه، او واده

محمد عبد النبي d. 1450 AH
90

کراهت او دوستي، یرغل او مینه، او واده

كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج

ژانرونه

ولكن أليس من الجائز أن تكون الرسالة قد كتبت ووضعت في مكان ما أمس؟ ألن يكون من المنطقي أن يكون قد كتبها وخبأها قبل أسابيع، خاصة وهو لم يكن يعلم المعدل الذي ستسوء به قدرته على الكتابة؟ وإذا كان هذا هو الحال فيمكن لتلك الرسالة أن تكون في أي موضع؛ في أدراج مكتبها ، حيث كانت تنقب بداخلها الآن، أو تحت زجاجة شمبانيا كانت قد اشترتها لشربها في عيد ميلاده ووضعتها على التسريحة، لتذكيره بذلك التاريخ بعد أسبوعين من الآن، أو ما بين صفحات أي من الكتب التي كانت تتصفحها في تلك الأيام. في الحقيقة كان قد سألها، قبل فترة قصيرة: «ما الذي تقرئينه وحدك الآن؟» كان يقصد ماذا تقرأ بمعزل عن الكتاب الذي كانت تقرؤه له؛ «فريدريش العظيم» لنانسي ميتفورد. اختارت أن تقرأ له الكتب التاريخية المسلية - لم يكن يستسيغ القصص الخيالية - وتركت الكتب العلمية له ليتدبر أمرها بنفسه. كانت قد أجابته: «فقط بعض القصص اليابانية.» ورفعت الكتاب في يدها. الآن كانت تلقي بالكتب جانبا لتتبين موضع ذلك الكتاب، ثم تقلبه وتهز صفحاته جيدا. كل كتاب كانت تدفعه بعيدا تلقى بعد ذلك المعاملة ذاتها. ألقت وسائد المقعد الذي اعتادت الجلوس عليه على الأرض، لترى ماذا وراءها. في النهاية صارت كل وسائد الأريكة متفرقة ومنتشرة على النحو ذاته. حتى حبوب القهوة هزت في علبتها المعدنية وأفرغت تماما؛ تحسبا لأن يكون (في نزوة عابثة؟) قد أخفى وداعا ما هناك.

أرادت ألا يوجد أي شخص معها، ألا يرى أحد عملية البحث هذه، التي كانت تجريها - مع ذلك - وجميع الأنوار مضاءة وكل الستائر مرفوعة. لم تكن تريد أن يذكرها أحد بأن عليها أن تمسك بزمام نفسها. كان الظلام قد حل منذ بعض الوقت، وأدركت أن عليها تحضير شيء ما لتتناوله. ربما تتصل بمارجريت، لكنها لم تفعل شيئا. نهضت لتسدل الستائر ولكنها بدلا من ذلك أطفأت الأنوار. •••

كان طول نينا يتعدى الستة الأقدام بقليل. حتى عندما كانت مراهقة، كان الجميع - معلمو صالة الألعاب الرياضية، ومختصو الإرشاد الاجتماعي، وأصدقاء أمها القلقون بشأنها - يلحون عليها لتفرد ظهرها وتتخلص من انحنائه. بذلت ما في وسعها، ولكن حتى الآن، حين تنظر إلى صورها الفوتوغرافية، كان الفزع ينتابها حين ترى إلى أي حد صارت قامتها متهدلة؛ الكتفان الغاطستان معا، والرأس المائل إلى الجانب، ووضعها الجسدي بكامله الذي يوحي بوصيفة مبتسمة. حين كانت شابة اعتادت على أن يرتب لها الآخرون لقاءات، أصدقاء يجمعونها مع شباب طوال القامة. بدا الأمر كما لو أنه ما من شيء آخر له أهمية في الرجل ما دامت قامته تتعدى الست أقدام، وهكذا لا بد أن يكون قرينا مناسبا لنينا. في حالات كثيرة للغاية كان الرجل يتجهم حيال هذا الموقف - فالرجل الطويل، على كل حال، يمكنه أن ينتقي ويختار - أما نينا، فتغرق في مستنقع الحرج، وهي لا تزال تتقوس وتبتسم.

والداها، على الأقل، تصرفا كما لو أن حياتها شأن خاص بها وحدها. كانا كلاهما طبيبين يعيشان في مدينة صغيرة في ميشيجان. عاشت نينا معهما بعد أن أنهت تعليمها قبل الجامعي. درست اللغة اللاتينية في مدرسة ثانوية محلية، وفي إجازاتها كانت تسافر إلى أوروبا مع صديقات الدراسة هؤلاء، اللاتي لم يتم بعد استخلاصهن من الدراسة كالقشدة من الحليب ليتزوجن ويتزوجن من جديد، وهو ما لم يحدث كثيرا. بينما كانت هي وفرقتها من البنات يتنزهن في جبل كارينجورمز، التقين بمجموعة شباب أستراليين ونيوزيلنديين، ينتمون بصفة مؤقتة للحركة الهيبية، وكان قائدهم هو لويس. كان يكبر الآخرين ببضعة أعوام، وأقل هيبية من جوال متمرس، وبلا ريب كان هو الشخص الذي يتم استدعاؤه كلما نشب خلاف أو ظهرت مشكلة ما. لم يكن طويلا بصورة ملحوظة؛ إذ كان أقصر من نينا بثلاث أو أربع بوصات. وقد ارتبط بها، مع ذلك، ونجح في إقناعها بأن تغير مسار رحلتها المحدد وأن تنطلق بصحبته، حتى هو نفسه قام عن طيب خاطر بترك زمرته بلا قيادة ليفعلوا ما يحلو لهم.

اتضح أنه كان قد مل التجوال هنا وهناك، وأنه أيضا حاصل على مؤهل دراسي في علم الأحياء، وشهادة لممارسة التدريس في نيوزيلندا. أخبرته نينا بمدينة على الساحل الشرقي من بحيرة هورون، في كندا، حيث كانت تزور أقاربها وهي لا تزال طفلة. وصفت له الأشجار السامقة بامتداد الشوارع، والمنازل العتيقة البسيطة المظهر، ومشاهد غروب الشمس على البحيرة؛ مكانا ممتازا ليعيشا حياتهما معا، وهو كذلك مكان قد يكون من الأسهل على لويس العثور فيه على وظيفة؛ نظرا للعلاقات ما بين دول الكومنولث. وبالفعل حصل كل منهما على وظيفة في المدرسة الثانوية، على الرغم من أن نينا أقلعت عن التدريس بعد بضع سنوات، حين ألغوا مقرر اللغة اللاتينية. كان بوسعها أن تتلقى دورات تدريبية للترقي، أو أن تعد نفسها لتدرس مادة أخرى، لكنها كانت سعيدة، سرا، بعدم اضطرارها للعمل بعد ذلك في نفس مكان عمل لويس، وفي نفس وظيفته. فبسبب قوة شخصيته، وأسلوبه المقلق في التدريس، اكتسب أصدقاء وأعداء كذلك، ووجدت نوعا من الراحة في عدم تورطها في ذلك.

لم يهتما بالإسراع إلى إنجاب طفل. وقد استرابت في أنهما كانا معتدين بنفسيهما أكثر من الحد المعقول، فلم ترق لهما فكرة أن يغلف كل منهما بهوية مضحكة قليلا، هوية الأم والأب. كان كلاهما - لا سيما لويس - موضع إعجاب الطلاب لكونهما مختلفين عن الكبار الآخرين في بيوتهم؛ كانا أكثر نشاطا، ذهنيا وجسديا، وأكثر تعقيدا وحيوية وقدرة على استخلاص كل ما هو طيب من قلب الحياة.

انضمت إلى جوقة إنشاد جماعي. كان أغلب حفلاتهم الموسيقية تقام في كنائس، وفي ذلك الحين علمت أي نفور عميق داخل لويس نحو تلك الأماكن. جادلته قائلة إنه في الغالب لا يوجد أي مكان آخر مناسب ومتاح، وليس معنى ذلك أنهم ينشدون موسيقى دينية (على الرغم من أن دفاعها هذا كان يصير أصعب قليلا حين كانوا ينشدون أنشودة المسيح). قالت إنه كان متشبثا بالطراز العتيق، وإنه لم يعد ثمة دين يسبب الأذى للناس في هذه الأيام. أشعل هذا فتيل شجار كبير. كان عليهما أن يهرعا إلى إغلاق مصاريع النوافذ بشدة، حتى لا يسمع العابرون على الرصيف صوتيهما المرتفعين في تلك الأمسية الصيفية.

كان شجار مثل هذا أمرا مذهلا، وكاشفا ليس فقط عن مدى قدرته على كسب العداوات، ولكن كم كانت هي أيضا غير قادرة على فض نزاع تصاعد إلى ثورة غضب. لم يتراجع أي منهما عن موقفه، وتشبث كل بمبادئه في مرارة أليمة.

ألا تستطيع أن تتسامح مع اختلاف الناس، لماذا تعطي الأمر كل هذه الأهمية؟

لو لم يكن هذا مهما، فلا أهمية لشيء.

ناپیژندل شوی مخ