احد الافعال والله تعالى متقدم على جميع الافعال وليس ايضا من شرط التقدم والتاخر في الوجود ان يكون ذلك في زمان لأن الزمان نفسه قد يتقدم بعضه على بعض ولا يقال ان ذلك مقتض لزمان آخر والكلام في هذا الموضع جليل ومن الحق فيه سقطت عنه شبه كثيرة وقد كنت اجتمعت في الرملة برجل عجمى يعرف بابى سعيد البزدعى وكان يحفظ شبها في هذا الباب وكنت كثيرا ما اكلمه واستظهر باثبات الحجة عليه فاورد على يوما شبهة كانت اكبر مما في يديه وتكلمت عليها بكلام لم اقنع به فاحكيه ثم كتبت كتابا الى بغداد الى حضرة سيدنا الشريف المرتضى ذى المجدين رضى الله عنه وذكرت الشبهة فيه فورد الي جوابه عنها فانا اذكر الشبهة والجواب وما وجدته بعد ذلك من الكلام في هذا الباب الشبهة قال الملحدة مستدلا على ان الصانع لم يتقدم الصنعة انى وجدت امرهما لا يخلو من ثلاث خصال أما ان تتقدم الصنعة عليه أو ان يتاخر عنه أو ان يكونا في الوجود سواء وقد فسد باتفاق تقدمهما عليه قال ويفسد ايضا تقدمه عليها إذ كان لا يخلو من ان يكون تقدمه عليها بمدة محصورة وتقدير اوقات متناهية أو بمدة غير محدودة وتقدير اوقات غير محصورة قال فان كان بينهما في الوجود امد محصور وتقدير زمان محدود فهو متناوله اول واخر فكما ان اخره حدوث الصنعة فكذلك اوله حدوث الصانع ونعوذ بالله من القول بذلك قال وان تقدمها بمدة لا تحد وتقدير اوقات لا تتناهى وتحصر فلا آخر لهذه المدة كما لا اول لها وإذا لم يكن لها آخر فقد بطل حدوث الصنعه وان نفيتم الاوقات والازمان التي يصح هذا فيها فانه لا يمكنكم انكار تقديرها وفي التقدير يلزم هذا هنا قال فهذا دليل على ان الصنعة والصانع قديمان لم يزالا (والجواب) قاله الشريف المرتضى رحمه الله أما الصانع من حيث كان صانعا فلا بد من تقدمه على صنعته سواء كان قديما أو محدثا لأن تقدم الفاعل على فعله حكم يجب له من حيث كان فاعلا ويستوى في هذا الحكم الفاعل القديم والفاعل المحدث غير ان الصانع القديم يجب ان يتقدم صنعته بما إذا قدرناه اوقاتا وازمانا كانت غير متناهية ولا محصورة ولا يجب هذا في الصانع المحدث بل يتقدم الصانع من المحدثين صنعته بالزمان الواحد والازمان المتناهية المحصورة والذي يدل على ان الصانع لا بد من ان يتقدم صنعته ويستوى في هذا الحكم القديم والمحدث انه لو لم يتقدم عليها لم تكن فعلا له وحادثة به لأن من شان
--- [ 8 ]
مخ ۷