وهو ان الماضي قد كان مستقبلا فلو استحال ان يصير المستقبل ماضيا لاستحال في الماضي لانه قد كان مستقبلا (مسألة اخرى) عليهم يقال لهم ايجوز ان تدور الشمس في المستقبل دورات بعد الدورات الماضية ام لا يجوز ذلك فإن قالوا غير جائز قيل لهم لم زعمتم ذلك وعندكم انها تدور في المستقبل دورات لا نهاية لعددها فليس في ذلك ما يفى بما قد مضى فإن قالوا لا يفى به جعلوا الماضي اكثر من المستقبل واوجبوا تناهى المستقبل وان قالوا ان الشمس ستدور دورات يفى عددها بما مضى اوجبوا تناهى ما مضى وقيل لهم افيبقى من المستقبل بعد ذلك بقية فإن قالوا لا اقروا بوجود الاول والاخر واوجبوا تناهى الزمان من طرفيه وجعلوا لدورات الشمس بداية ونهاية وهو خلاف ما ذهبوا إليه وان قالوا انه ستدور دورات يفى بما مضى ويبقى من المستقبل ما لا نهاية له ايضا لم يبق شبهة في تناهى الماضي وصح اوله وبطل مذهبهم في قدمه والحمد لله (دليل آخر) على ان للافعال الماضية اولا فما يدل على ذلك انه قد ثبت ان كل واحد منها محدث كائن بعد ان لم يكن ولها محدث متقدم عليها فوجب ان يكون جميعهما محدثة كائنة بعد ان لم يكن ولها محدث متقدم عليها لأن جميعها هو مجتمع آحادها ولا يصح ان يختلف في الجمع والتفرقة هذا الحكم فيهما كما ان كل واحد من الزنج بانفراده اسود فا الجميع باجتماعهم سود والحكم في ذلك واحد في الجمع والتفريق وقد اجتمع معنا على ان جميعها افعال الفاعل وصنعة الصانع والعقول تشهد بوجوب تقدم الفاعل على افعاله وسبق الصانع لصنعته وليس يخالف في ذلك إلا مكابر لعقله بسم الله الرحمن الرحيم واعلم ان الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها وجوب تقدم الصانع على الصنعة قالت انه متقدم عليها تقدم رتبته لا تقدم زمان فيجب ان نطالبهم بمعنى تقدم الرتبه ليوضحوه فيكون الكلام بحسبه وقد سمعنا قوما منهم يقولون ان معنى ذلك انه الفعال فيها والمدبر لها فسألناهم هل يدافع عنها حقيقة الحدث فعادوا الى الكلام الاول من ان كل واحد من اجزاء الصنعة محدث فاعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الاقرار بحدوث الكل وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من التقدم والقديم في الوجود على المحدث التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون احدهما موجودا والاخر معدوما ولسنا نقول ان هذا التقدم موجب الزمان لان الزمان
--- [ 7 ]
مخ ۶