يفهم ذلك من تأمله (فصل) في تمييز صفات الله تعالى اعلم ان جميع ما يوصف الله سبحانه به ينقسم على قسمين فقسم يوصف به على حقيقة والمراد به معنى الوصف وقسم يوصف به مجازا واتساعا والمراد غير حقيقة ذلك الوصف وصفات الحقائق ينقسم ايضا قسمين فقسم صفات ذاتية وهي التي لم يزل عليها ولا يزول عن استحقاقها وقسم صفات افعال وهي التي تجددت عند فعله الافعال ولا يصح ان يقال انه عليها فيما لم يزل بيان صفات الذات والدليل عليها وهي قولنا حى باق وقادر وعالم وكذلك موجود وقديم فهذه صفات استحقها لنفسه لا لمعنى آخر والدليل على ذلك انه لو كان حيا بحياة وباقيا ببقاء وقادرا بقدرة وعالما بعلم كان حياته وبقاءه وقدرته وعلمه لا يخلو عن حالين أما ان يكون معاني قديمة معه وأما ان تكون حادثة فلو كانت قديمة لشاركته في اخص صفاته وماثلته فيبطل التوحيد وقد تقدمت الادلة على صحته وايضا فلو ماثلت الصفة للموصوف لم تكن صفة له باولى من ان يكون هو صفة لها وان كانت هذه المعاني الموصوف بها اعني الحياة والبقاء والقدرة والعلم حادثة وجب ان يكون قبل حدوثها غير مستحق للوصف بها وقد ثبت الادلة على انه سبحانه لم يزل حيا باقيا قادرا عالما ولو كانت ايضا حادثة لم يكن لها غناء عن محدث احدثها ولا يصح ان يكون محدثا غيره تعالى لانه الفاعل الاول والقديم الذي لم يزل فكيف يفعل الحياة لنفسه من ليس بحي أو يحدث القدرة من ليس بقادر والعاقل يعلم ان هذا مستحيل باطل فعلم انه حي وباق وقادر وعالم لنفسه لا لمعان غيره وربما اطلق اللفظ اتساعا بان له قدرة وعلما قال الله سبحانه كذا والمعنى انزله وهو عالم به ويقول المتكلمون قدرة الله عظيمة والمعنى التعظيم لمقدوره وانه لا يعجزه شئ اراده فاما عند التحقيق فهو قادر عالم لنفسه وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال في كلام له وحد الله تعالى وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه وهذا القول عنه عليه السلام انه تعالى عالم لنفسه وذاته وانه لا علم في الحقيقة له تعالى الله الذي ليس كمثله شئ وقد ذهب المجبرة الى ان الله تعالى موصوف بصفات قديمة معه وانها ليست غيره ولا بعضها غير بعض وهذا خروج عما يعقل ويفهم لان العقول
--- [ 23 ]
مخ ۲۲