وقيل: هو عموم في كل معروف ومنكر وينهون أنفسهم عن إتباع المنهي (عنه) والشهوات.
﴿والحافظون لحدود الله﴾ أي القائمون بما أمروا به والمنتهون عما نهوا عنه الواقفون حيث وقفهم، الذين يحفظون مع الله أنفاسهم.
قال الإمام أبو حيان- في تفسيره-: فترتيب هذه الصفات في غاية الحسن، إذ بدأ- أولًا- بما يخص الإنسان لغيره، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بما شمل ما يخصه في نفسه وما يتعدى إلى غيره وهو الحفظ لحدود (الله) انتهى.
ولما ذكر سبحانه مجموع هذه الأوصاف أمر رسول الله- ﷺ بأن يبشر المؤمنين. وفي الآية التي قبلها قال: (فاستبشروا) أمرهم بالاستبشار فحصلت لهم المزية التامة بأن الله أمرهم به، ثم أمر رسوله- ﷺ أن يبشرهم. والله أعلم.
فصل- ١٥ -: من صور جزاء التقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهلاك في الدنيا فضلًا عن العذاب بالآخرة
وأما قوله- تعالى-: ﴿وإن تطع أكثر من في الأرض يضلُّوك عن سبيل الله إن يتَّبعون إلَّا الظَّنَّ وإن هم إلَّا يخرصون﴾.
قال المفسرون- ﵏: لولا- هنا للتخصيص. كقوله- تعالى- في سورة المائدة: ﴿لولا ينهاهم الربانيون .....﴾ صحبها معنى التوبيخ والتأسي الذي ينبغي أن يقع من البشر على هذه الأمم التي لم تهتد. وهذا نحو قوله: "يا حسرة على العباد ..... ".
والقرون قوم نوح، وعاد، وثمود.
والبقية- هنا- يراد بها الخير والنظر والحزم في الدين وسمى الفضل والجود بقية، لأن الرجل يستبقي مما يخرجه أجوده وأفضله.
ويقال فلان من بقية القوم أي خيارهم.
ومنه قولهم: في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا.
1 / 55