وسيأتي في أوائل الباب السابق قول بعض الأصوليين: فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضًا، واستدل بهذه الآية.
قال بعض العلماء- ﵏: فلو لم يكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضًا لما لعنوا أثموا بتركه، لأن تارك النوافل لا يستحق ذلك فمن أمكنه أن يأمر وينهي ولم يفعل- مع قدرته- استحق التعذيب واللعن والمقت بدليل هذه الآية الكريمة.
قال ابن عباس- ﵄: كان (بنو) إسرائيل ثلاث فرق فرقة اعتدوا في السبت، وفرقة نهوهم لكن لم يدعوا مجالستهم ولا مؤاكلتهم، وفرقة لما رأوهم يعتدون ارتحلوا عنهم وبقيت الفرقتان المعتدية والناهية المخالطة فلعنوا جميعًا.
وفي مسند الإمام أحمد- ﵁، وسنن أبي داود الترمذي، وابن ماجه- ﵃ من حديث عبد الله بن مسهود- ﵁ قال: قال رسول الله- ﷺ: (لم وقعت (بنو) إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم زاد أحمد: قال يزيد: أحسبه قال: وأسواقهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. وكان رسول الله ﷺ متكئًا فجلس فقال: لا، والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرًا).
هذا لفظ أحمد، والترمذي. وقال فيه: حديث حسن.
ولأبي داود. قال: قال رسول الله- ﷺ: (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقي الرجل فيقول: يا هذا اتق الله، ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه في الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه، وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم على بعض. ثم قال: ﴿لعن الَّذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وَّكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن مُّنكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرًا منهم يتولون الَّذين كفروا لبئس ما قدَّمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليِّهم﴾ إلى قوله: ﴿فاسقون﴾ ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرًا، ولتقصرنه على الحق قصرًا).
1 / 46