فصل- ٧ -: التحذير من التفريط في الإنكار على فاعل المنكر
وأما قوله- تعالى-: ﴿لولا ينهاهم الرَّبَّانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون﴾.
فقال بعض المفسرين- ﵏: (لولا تخضيض يتضمن توبيخ العلماء والعباد على سكوتهم عن النهب عن معاصي الله- تعالى- والأمر بالمعروف، وبين سبحانه أنهم أثموا بترك النهي).
وقيل: معنى قوله (لولا ينهاهم) أي هلا كان ينهاهم عن تعاطي ذلك (الربانيون) منهم وهم العلماء أرباب الولايات عليهم، (والأحبار) وهم العلماء فقط.
وقيل: الرباني من كان لله وبالله، لم تبق منه بقية لغير الله.
(والإثم) - هنا- سائر الأقوال التي يترتب عليها الإثم.
قال الإمام أثير الدين أبو حيان: (والظاهر أن الضمير في (كانوا) عائد على الربانيين والأحبار، إذ هم المتحدث عنهم والموبخون بعدم النهي عن المنكر).
قال ابن عباس: يعني الربانيين أنهم ﴿بئس ما كانوا يصنعون﴾ يعني في تركهم ذلك وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (قال) لهؤلاء حين لم ينهوا ولهؤلاء حين علموا وروى محمد بن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس- ﵄ قال: ما في القرآن أشد توبيخًا من هذه الآية.
وبسنده عن الضحاك (بن مزاحم) أنه قال: (ما في القرآن أخوف عندي منها وروى عن ابن عباس نحوه).
قال بعض العلماء: وكأن المعنى في ذلك أن مواقع المعصية فعلها مع الشهوة التي تدعوه إليها وتحمله على ارتكابها، أما الذي ينهاه فلا شهوة معه إلى فعل غيره فإذا فرَّط في الإنكار كان أشد حالًا من المواقع فظهر بذلك الفرق بين متعاطي الذنب وبين تارك النهي.
1 / 44