وقال السدي قانتة مطيعة.
فأثبت منافاة بين أحوال الأولياء أحوال الأعداء، فكيف يستوي الضياء والظلمة، واليقين والتهمة، والوصلة والفرقة، والبعاد والألفة، والمعتكف على البساط والمنصرف عن الباب. هيهات لا يلتقيان ومتى يتفقان أو يستويان).
ثم وصف- سبحانه- الأمة القائمة بأنها تالية آناء الليل ممدود الأول والآخر أي ساعاته وعبر بالتلاوة في ساعات الليل عن التهجد بالقرآن ﴿وهم يسجدون﴾ لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فالمعنى أن تلك التلاوة كانت في صلاة وقيل: أريد بالسجود الخشوع والخضوع وظاهر قوله: ﴿آناء الليل﴾ جميع ساعاته فيبعد صدور ذلك أعني التلاوة والسجود من كل شخص، وإنما يكون ذلك من جماعة، لأن بعض الناس يقوم أول الليل، وبعضهم يقوم آخره وبعضهم بعد هجعه ثم يعود إلى نومه فيأتي من مجموع الليل وجماعات الناس استيعاب ساعات الليل بالقيام.
قوله: ﴿يؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ أي بكل ما يجب الإيمان به (ويأمرون بالمعروف) قال ابن عباس: بتوحيد الله ﴿وينهون عن المنكر﴾ أي الشرك.
وقال الزجاج: بإتباع النبي- ﷺ وينهون عن نقض ميثاقه فلم يشهد لهم- سبحانه- بالصلاح بمجرد الإيمان بالله واليوم الآخر حتى أضاف إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قوله: ﴿ويسارعون في الخيرات﴾ أي ﴿يبادرون فيها﴾ خوف الفوت بالموت.
وقيل: يعملونها غير متثاقلين فيها. ﴿وأولئك من الصالحين﴾ يعني أولئك الموصوفون بتلك الأوصاف الستة في الآية من الذين صلحت أعمالهم عن الله تعالى- وهذه أعلى المنازل.
قال الله تعالى حكاية عن نبيه، وابن نبيه سليمان بن داود ﵉: "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين".
فقد ثبت بذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أفعال الصالحين وخلال عباد الله المتقين. والذي هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن هؤلاء المؤمنين المنعوتين في هذه الآية كما ذكر غير واحد من العلماء والله أعلم.
1 / 38