بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وما توفيقي إلا بالله عليك توكلت وإليك أنيب﴾ الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الفحشاء والمنكر والعصيان، قضى بنفع العبد وضره، وأمضى القدر بشره وخيره. كما حرك أهل عبادته إلى نصرة دينه وأزعج. وأوقد نيران غيرته في أفئدة أحبته وأجج. وهدى للقيام بأوامره ونواهيه أولي الألباب، وأوجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنص الكتاب. فقال سبحانه خطابًا خاصًا لقوم يعقلون، وأمرًا عامًا لمن بعدهم يخلفون ﴿ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾ أحمده تعالى على التوفيق للإسلام، وأشكره على إنعامه الخاص والعام، وأستعينه وأستمده، وأتوكل عليه وأسأله عملًا يقرب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهًا واحدًا صمدًا لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولا يشرك في حكمه أحدًا. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي بيَّن الدين ونوَّر، وأعلن التوحيد وأظهر، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فظهر دينه على سائر الأديان، وعظم قدره بنزول القرآن، وأحلت له الغنائم ودفعت (بعلو) همته العظائم. صلى الله عليه وعلى آله المطهرين من الأدناس وأصحابه المعظمين الأكياس. صلاة توجب لنا ولهم جزيل الإنعام، بدار الجود والفضل والإكرام، أما بعد فقد قال الله تعالى في وصف عباده القائمين بنصرة دينه إلى يوم النشور: ﴿ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقويٌ عزيزٌ الَّذين إن مَّكَّنَّهم في الأرض أقاموا الصَّلاة وآتوا الزَّكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور﴾. وروى الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري- ﵀ في صحيحه من حديث أبي عتبة، عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي أحد ثقات الشاميين وأعيانهم، عن أبي الوليد عمير بن هانئ العنسي
1 / 15