وقال أبو خراش يرثى أخاه عُروة،، أَبدع في ذلك: حَمِدتُ إلهي بعد عُروة إذ نجا خِراشٌ، وبعضُ الشرِّ أهونُ من بعضِ
فوالله لا أنسى قتيلًا رُزِئتُهُ ... بجانب قُوسَي ما مشيتُ على الأرض
بلى إنَّها تعفو الكلومُ وإنَّما ... تُوكِّلَ بالأَدنى وإنْ جلَّ ما يمضي
ولم أدرِ مَن أَلقى عليه رداءه ... على أنه قد سُلَّ عن ماجدٍ مَحضِ
قصة نهش الحية لأبي خِراش: حدَّث أبو بكر محمدُ بن الحسن بن دريدٍ قال: نا عبد ارحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: أسلم أبو خراش فحسُن إسلامه، ثم أتاه نفر من أهل اليمن، قدموا حُجاجًا، والماءُ منهم غير بعيد. فقال: يا بني عمِّ ما أمسى عندنا ماءٌ، ولكن هذه بُرمة وشاة، فرِدوا الماء، وكلوا شاتكم، ثم دَعوا بُرمتنا وقِربَتَنا على الماء حتى نأخذها. فقالوا: لا والله ما نحنُ بسائرين في ليلتنا هذه، وما نحن ببارحين حيث أمسينا. فلما رأى ذلك أبو خراش أخذ قِربته، وسعى نحو الماء تحت الليل حتى استسقى. ثم أقبل صادرًا، فنهشتهُ حيةٌ قبل أن يصل إليهم. فأقبل مسرعًا حتى أعطاهم الماء وقال: اطبخوا شاتكم وكلوا. ولم يُعْلمْهُم ما أصابه. فباتوا على شاتهم يأكلون حتى أصبحوا، وأصبح أبو خراش في الموت، فلم يبرحوا حتى دفنوهُ. وقال وهو يموتُ في شعرٍ له:
لقد أَهلكتِ حيةَ بطنِ وادٍ ... على الإخوانِ ساقًا ذاتَ فَضل