الحمد لله الذي جعلنا من زرع سيد الأوصياء، ومنحنا الإنتساب إلى خير الأنبياء وخلاصة الأصفياء، وأورثنا الكتاب والحكمة، وقرننا بهما وجعلنا الولاة على هذه الأمة، إذ كنا لا نصدر ولا نورد تثبيته وهدايته إلا عنهما، واختصنا أهل البيت بالدعاء إليه سرا وجهارا، وخلف فينا نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- خلافة رفع بها لدينه منارا، وأحيا به شعارا، وأكرمنا بالوصية المأثورة في حفظ بيت الله وحرمه وفضلنا بها(1) على العالمين، استدامة للأمنة في الأمة عن العذاب إذ وعد نبيه أن لا يعذبهم وهو فيهم، وكنا من لحمه ودمه فمن أحق منا بالتأسي بكتاب الله، وما قصه علينا فيه مما وعظ به الأنبياء -صلوات الله عليهم- أممهم من التذكر لنعمه إذ كان نبيئنا(2) -صلى الله عليه وآله وسلم- أرفع الأنبياء درجا، وكنا أعظم الناس به -صلى الله عليه وآله وسلم- منة إذ رفع عنا به إصرا وأغلالا وحرجا، وأن نتلوا فيما بيننا ما حكاه الله في كتابه عن موسى الأمين: {وإذ قال موسى لقومه ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين}[المائدة:20].
أحمده حمدا أستديم به نعمه وأستزيدها، وأشكره شكرا أستعيد به مننه وأستفيدها، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له شهادة شهود الله على الناس شهودها، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي كبت(3) به عن الملة الإسلامية عنيدها، وقلدت له يمين الأعناق بعد الله أحرارها وعبيدها.
اللهم فصل وسلم على محمد وعلى آل محمد صلاة يغاديه ويرواحه جديدها، وبمآسيه ونصائحه ميمونها وسعيدها، أما بعد:
مخ ۲۹