واشتهر أنه دفع ألف دينار إلى بعض الناس وقال فرقة في الكوفة في عيال من أصيب مع زيد -عليه السلام- وبكى لما بلغه قتل يحيى بن زيد -عليهم السلام-، واشتد وجده به، وقال: رحم الله ابن عمي وألحقه بآبائه وأجداده، وأمر بتبليغ وصية يحيى إلى محمد وإبراهيم ابني عبد الله -عليهم السلام- بصحيفة أبيه -عليه السلام- وقال لهما: هذا ميراث ابن عمكما وقد خصكما به دون إخوته، ونحن مشترطون عليكما فيه شرطا، فقال: رحمك الله قل فقولك المقبول، فقال: لا تخرجا بهذا الصحيفة من المدينة، قالا: ولم ذاك؟ قال: إن ابن عمكما خاف عليها أمرا أخافه أنا عليكما، قالا: إنما خاف عليها حتى علم أنه يقتل، فقال أبو عبد الله: وأنتما فلا تأمنا فو الله إني لأعلم أنكما ستخرجا كما خرج وستقتلان كما قتل، فقاما وهما يقولان: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم كان من الصادق -صلوات الله عليه- ما كان من حضوره عند النفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن -عليهم السلام- لما ظهر بالمدينة مع ولديه موسى وعبد الله واستأذنه بالقعود، واعتذر إليه بعجزه من(1) النهوض لثقل بدنه، فأذن له، فانصرف وخلف ولديه هناك، فلما نظر إليهما محمد بن عبد الله -عليه السلام- ورآهما قال لهما: إلحقا بأبيكما فقد أذنت لكما، فلحقا به، فالتفت جعفر -عليه السلام- في الطريق فرآهما فقال لهما: لم انصرفتما؟ فقالا: قد أذن لنا، فقال لهما: انصرفا إليه فما كنت أبخل بنفسي وبكى عليه. فانصرفا إليه، وحضر موسى -عليه السلام- القتال أيضا مع الحسين بن علي صاحب فخ -عليهما السلام-، ولم يزل ذلك دأب كل مقتصد من آل محمد مع كل [12/أ] سابق إلى جهاد من ألحد في الدين. وعند ذلك لم تزل راية الهدى في أهل البيت -عليهم السلام- منصوبة، وأصول أعدائهم بإذن الله كلما انتصبت لها شجرة خبيثة انصرعت بإذن الله مجثوثة مجبوبة، فهم وأعداؤهم كما أنزل الله فيهم فيما رواه الصادق -صلوات الله عليه- {ألم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء}[إبراهيم:24].
وكما روى أبوه باقر العلم -صلوات الله عليهما- قال: قال علي بن أبي طالب:" إني وأبرار عترتي وطيب أرومتي أحلم صغارا، وأعلم الناس كبارا، معنا راية الهدى من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها ألحق، إنا أهل بيت من حكم الله أخذنا ومن قول صادق سمعنا فإن تتبعوا آثارنا يهدكم الله وإن تتخلفوا عنا يهلكم الله بأيدينا أو بما شاء"(1).
ولم تزل هذه السمة الطاهرة في أهل بيت محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- تشريفا لها من الله وكرامة ولن تزال إن شاء الله كما وعد الله ثابتة إلى يوم القيامة. فالحمد الله الذي جعلنا وإياكم من فروع حقائق تلك الدوحة النبوية، وهدى قلوبنا وقلوبكم إلى معرفة حقائق تلك النسبة العلوية. وقد سطرنا إليكم هذا الكتاب تحدثا بنعمة الله علينا وعليكم وصلة إن شاء الله جامعة في أمر الله بيننا وبينكم، وشحذا لتلك الهمم الماضية والعزائم السامية على هؤلاء الأعداء لآل محمد الذين عطلوا دين الله وبدلوه، وقلبوا شرع الله وحولوه، وبمخالفة عترة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فسروه وتأولوه فمع اجتماع آل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الشام واليمن لا يبقى إن شاء الله لهذه الفئة الظالمة يد في بلاد الله كما نزع أيد لهم(2)، وله الحمد من مكة إلى عدن، وصارت الكلمة العليا والدعوة الصادقة لآل رسول الله، وأيد الله عترة نبيه بنصره، وفتح لهم كما فتح لجدهم -صلى الله عليه وآله وسلم- على كل عدو فرماه بجهله بحق محمد -صلى الله عليه وآله وسلم.
وله إلى الأشراف عموما من بني الحسن آل موسى بن عبد الله وملوك [12/ب] مكة المشرفة حرسها الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
مخ ۲۸