أصلح من الجميع وأعلم أصحاب محمد١ لما مروا بشجرة فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فحلف رسول الله ﷺ أن هذا كما قال بنو إسرائيل لموسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ ٢.
ففي هذا عبرتان عظيمتان:
(الأولى): أن النبي ﷺ صرح أن من اعتقد في شجرة أو تبرك بها أنه متخذها إلها، وإلا فأصحاب رسول الله ﷺ يعرفون أنها لا تخلق ولا ترزق، وإنما ظنوا أن النبي ﷺ إذا أمرهم بالتبرك بها صار فيها بركة.
(والعبرة الثانية): أن الشرك قد يقع ممن هو أعلم الناس وأصلحهم وهو لا يدري، كما قال رسول الله ﷺ "الشرك أخفى من دبيب النمل" ٣ بخلاف قول الجاهل: هذا بَيِّنٌ نعرفه.
فإذا أشكل عليك من هذا شيء، وأردت بيانه من كلام أهل العلم، وإنكار جنس الشرك الذي حرمه الله فهو موجود، وابحث عن كلام العلماء في هذا، إن أردت من الحنابلة، وإن أردت من غيرهم. والله أعلم.
_________
١كان ينبغي أن يقال بعض أصحاب محمد - ﷺ من أهل مكة، فإن الذين قالوا هذا ليسوا أعلمهم كالخلفاء والعبادلة مثلا، وإنما هم الطلقاء الذين كانوا حديثي عهد بالشرك، بل كان بعضهم لا يزال على شركه كما ظهر في غزوة حنين فتنبه. وكتبه محمد رشيد.
٢سورة الأعراف آية: ١٣٨.
٣أحمد (٤/٤٠٣) .
1 / 23