د ګوهرونو ښکلا په قرآنکريم کې د تفسير په باب
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
ژانرونه
وقوله تعالى: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل... } الآية: هذا استمرار في عتبهم، وإقامة الحجة عليهم: المعنى أن محمدا عليه السلام رسول كسائر الرسل قد بلغ كما بلغوا، ولزمكم أيها المؤمنون العمل بمضمن الرسالة، وليست حياته وبقاؤه بين أظهركم شرطا في ذلك؛ لأنه يموت؛ كما ماتت الرسل قبله، ثم توعد سبحانه المنقلب على عقبيه بقوله: { فلن يضر الله شيئا }؛ لأن المعنى: فإنما يضر نفسه، وإياها يوبق، ثم وعد الشاكرين، وهم الذين صدقوا، وصبروا، ومضوا في دينهم، ووفوا لله بعهدهم؛ كسعد بن الربيع، ووصيته يومئذ للأنصار، وأنس بن النضر، وغيرهما، ثم يدخل في الآية الشاكرون إلى يوم القيامة، وقال علي (رضي الله عنه) في تفسير هذه الآية: الشاكرون الثابتون على دينهم؛ أبو بكر، وأصحابه، وكان يقول: أبو بكر أمير الشاكرين؛ إشارة منه إلى صدع أبي بكر بهذه الآية يوم موت النبي صلى الله عليه وسلم، وثبوته في ذلك الموطن، وثبوته في أمر الردة، وسائر المواطن التي ظهر فيها شكره، وشكر الناس بسببه، ثم أخبر عز وجل عن النفوس؛ أنها إنما تموت بأجل مكتوب محتوم عند الله تعالى، أي: فالجبن والخور لا يزيد في الأجل، والشجاعة والإقدام لا ينقص منه، وفي هذه الآية تقوية للنفوس في الجهاد، وفيها رد على المعتزلة في قولهم بالأجلين.
وقوله سبحانه: { ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها... } الآية، أي: نؤت من شئنا منها ما قدر له؛ يبين ذلك قوله تعالى:
من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد
[الإسراء:18]، وقرينة الكلام تقتضي أنه لا يؤتى شيئا من الآخرة؛ لأن من كانت نيته من عمله مقصورة على طلب الدنيا، فلا نصيب له في الآخرة، والأعمال بالنيات، وقرينة الكلام من قوله: { ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها } لا تمنع أن يؤتى نصيبا من الدنيا، قال ابن فورك في قوله تعالى: { وسنجزي الشكرين }: إشارة إلى أنه ينعمهم بنعم الدنيا، لا أنهم يقصرون على الآخرة.
ثم ضرب سبحانه المثل للمؤمنين بمن سلف من صالح الأمم الذين لم يثنهم عن دينهم قتل الكفار لأنبيائهم، فقال: { وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير... } الآية: وفي «كأين» لغات، فهذه اللغة أصلها؛ لأنها كاف التشبيه دخلت على «أي»، و «كأين» في هذه الآية في موضع رفع بالابتداء، وهي بمنزلة «كم»، وبمعناها تعطى في الأغلب التكثير، وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو: «قتل» مبنيا لما لم يسم فاعله، وقرأ الباقون «قاتل»، فقوله: «قتل»، قال فيه جماعة من المفسرين، منهم الطبري: إنه مستند إلى ضمير «نبي»، والمعنى عندهم أن النبي قتل، ونحا إليه ابن عباس، وإذا كان هذا، ف «ربيون» مرتفع بالظرف بلا خلاف، وهو متعلق بمحذوف، وليس متعلقا ب «قتل»، وقال الحسن بن أبي الحسن وجماعة: إن «قتل» إنما هو مستند إلى قوله: «ربيون»، وهم المقتولون، قال الحسن، وابن جبير: لم يقتل نبي في حرب قط.
قال * ع *: فعلى هذا القول يتعلق قوله: «معه» ب «قتل» ورجح الطبري القول الأول؛ بدلالة نازلة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن المؤمنين إنما تخاذلوا يوم أحد، لما قيل: قتل محمد، فضرب المثل بنبي قتل، وترجيح الطبري حسن؛ ويؤيد ذلك ما تقدم من قوله: { أفإن مات أو قتل } [آل عمران:144] وحجة من قرأ «قاتل»: أنها أعم في المدح؛ لأنه يدخل فيها من قتل، ومن بقي.
قال * ع *: ويحسن عندي على هذه القراءة استناد الفعل إلى الربيين، وقوله: { ربيون } ، قال ابن عباس وغيره: معناه: جموع كثيرة، وهو من الربة (بكسر الراء)، وهي الجماعة الكثيرة، وروي عن ابن عباس والحسن بن أبي الحسن وغيرهما: أنهم قالوا: ربيون: معناه: علماء؛ ويقوي هذا القول قراءة من قرأ: ربيون (بفتح الراء)، منسوبون إلى الرب؛ إما لأنهم مطيعون له، أو من حيث إنهم علماء بما شرع.
وقوله سبحانه: { وما استكانوا } ، ذهبت طائفة من النحاة إلى أنه من السكون، وذهبت طائفة إلى أنه مأخوذ من: «كان، يكون»، وأصله: استكونوا، والمعنى: أنهم لم يضعفوا، ولا كانوا قريبا من ذلك، قلت: واعلم (رحمك الله) أن أصل الوهن والضعف عن الجهاد، ومكافحة العدو هو حب الدنيا، وكراهية بذل النفوس لله، وبذل مهجها للقتل في سبيل الله؛ ألا ترى إلى حال الصحابة (رضي الله عنهم)، وقلتهم في صدر الإسلام، وكيف فتح الله بهم البلاد، ودان لدينهم العباد، لما بذلوا لله أنفسهم في الجهاد، وحالنا اليوم، كما ترى؛ عدد أهل الإسلام كثير، ونكايتهم في الكفار نزر يسير، وقد روى أبو داود في «سننه» عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يوشك الأمم أن تتداعى عليكم؛ كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت "
اه، فانظر (رحمك الله)، فهل هذا الزمان إلا زماننا بعينه، وتأمل حال ملوكنا، إنما همتهم جمع المال من حرام وحلال، وإعراضهم عن أمر الجهاد، فإنا لله وإنا إليه راجعون على مصاب الإسلام.
ناپیژندل شوی مخ