193

د ګوهرونو ښکلا په قرآنکريم کې د تفسير په باب

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

ژانرونه

* ص *: { إلا من اغترف غرفة بيده }: استثناء من الجملة الأولى، وهو قوله: { فمن شرب منه فليس مني } ، أي: إلا من اغترف غرفة بيده، دون الكرع، فهو مني، والاستثناء إذا تعقب جملتين فأكثر، أمكن عوده إلى كل منها، فقيل: يعود على الأخيرة، وقيل: إلى الجميع.

وقال أبو البقاء: إن شئت، جعلته من «من» الأولى، وإن شئت من «من» الثانية، وتعقب؛ بأنه لو كان استثناء من الثانية، وهي: { ومن لم يطعمه فإنه مني } ، للزم أن يكون: { من اغترف غرفة } ليس منه؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات؛ على الصحيح، وليس كذلك؛ لأنه أبيح لهم الاغتراف، والظاهر عوده إلى الأولى، والجملة الثانية مفهومة من الأولى، لأنه حين ذكر أن من شربه، فليس منه، فهم من ذلك أن من لم يشرب منه، فإنه منه.

انتهى.

ثم أخبر تعالى؛ أن الأكثر شرب، وخالف ما أريد منه، روي عن ابن عباس وغيره؛ أن القوم شربوا على قدر يقينهم، فشرب الكفار شرب الهيم، وشرب العاصون دون ذلك، وانصرف من القوم ستة وسبعون ألفا، وبقي بعض المؤمنين، لم يشرب شيئا، وأخذ بعضهم الغرفة، فأما من شرب، فلم يرو، بل برح به العطش، وأما من ترك الماء، فحسنت حاله، وكان أجلد ممن أخذ الغرفة.

وقوله تعالى: { فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه... } الآية: أكثر المفسرين على أنه إنما جاوز النهر من لم يشرب إلا غرفة، ومن لم يشرب جملة، ثم كانت بصائر هؤلاء مختلفة؛ فبعض كع، وقليل صمم، وهم عدة أهل بدر ثلاثمائة، وبضعة عشر رجلا.

وقوله تعالى: { قالوا لا طاقة }.

قال ابن عباس: قال كثير من الأربعة الآلاف الباقية مع طالوت، الذين جاوزوا النهر: { لا طاقة لنا } على جهة الفشل، والفزع من الموت، وانصرفوا عن طالوت، فقال المؤمنون الموقنون بالبعث، والرجوع إلى الله تعالى، وهم عدة أهل بدر: { كم من فئة } ، والظن على هذا القول: اليقين، والفئة: الجماعة التي يرجع إليها في الشدائد، وفي قولهم - رضي الله عنهم - { كم من فئة... } الآية: تحريض بالمثال، وحض واستشعار للصبر، واقتداء بمن صدق ربه، { والله مع الصبرين } بنصره وتأييده.

وقوله تعالى: { ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا } { برزوا }: معناه صاروا في البراز، وهو الأفيح من الأرض المتسع، والإفراغ: أعظم الصب، وكان جالوت أمير العمالقة، وملكهم، وروي في قصة داود وقتله جالوت؛ أن أصحاب طالوت كان فيهم إخوة داود، وهم بنو أيش، وكان داود صغيرا يرعى غنما لأبيه، فلما حضرت الحرب، قال في نفسه: لأذهبن لرؤية هذه الحرب، فلما نهض مر في طريقه بحجر، فناداه: يا داود، خذني، فبي تقتل جالوت، ثم ناداه حجر آخر، ثم آخر، ثم آخر، فأخذها، وجعلها في مخلاته، وسار، فلما حضر البأس، خرج جالوت يطلب مبارزا، فكع الناس عنه؛ حتى قال طالوت: من برز له، ويقتله، فأنا أزوجه ابنتي، وأحكمه في مالي، فجاء داود، فقال: أنا أبرز له، وأقتله، فقال له طالوت: فاركب فرسي، وخذ سلاحي، ففعل، وخرج في أحسن شكة، فلما مشى قليلا، رجع، فقال الناس: جبن الفتى، فقال داود: إن الله سبحانه، إن لم يقتله لي، ويعينني عليه، لم ينفعني هذا الفرس، ولا هذا السلاح، ولكني أحب أن أقاتله على عادتي، قال: وكان داود من أرمى الناس بالمقلاع، فنزل، وأخذ مخلاته، فتقلدها، وأخذ مقلاعه، فخرج إلى جالوت، وهو شاك في السلاح، فقال له جالوت: «أنت، يا فتى، تخرج إلي».

قال: نعم، قال: هكذا؛ كما يخرج إلى الكلب، قال: نعم، وأنت أهون، قال: لأطعمن اليوم لحمك الطير، والسباع، ثم تدانيا، فأدار داود مقلاعه، وأدخل يده إلى الحجارة، فروي أنها التأمت، فصارت واحدا، فأخذه، ووضعه في المقلاع، وسمى الله، وأداره، ورماه، فأصاب به رأس جالوت، فقتله، وحز رأسه، وجعله في مخلاته، واختلط الناس، وحمل أصحاب طالوت، وكانت الهزيمة، ثم إن داود جاء يطلب شرطه من طالوت، فقال له: إن بنات الملوك لهن غرائب من المهر، ولا بد لك من قتل مائتين من هؤلاء الجراجمة الذين يؤذون الناس، وتجيئني بغلفهم، وطمع طالوت أن يعرض داود للقتل بهذه النزعة، فقتل داود منهم مائتين، وجاء بذلك، وطلب امرأته، فدفعها إليه طالوت، وعظم أمر داود، فيروى؛ أن طالوت تخلى له عن الملك، وصار هو الملك، وقد أكثر الناس في قصص هذه الآية، وذلك كله لين الأسانيد؛ فلذلك انتقيت منه ما تنفك به الآية، ويعلم به مناقل النازلة.

وأما الحكمة التي آتاه الله، فهي النبوة، والزبور، وعلمه سبحانه صنعة الدروع، ومنطق الطير، وغير ذلك من أنواع علمه - صلى الله على نبينا وعليه .

ناپیژندل شوی مخ