فإن الشيخ عمي سعيد بن علي الجربي [ت:927ه] رحمه الله علم ذائع الصيت واسع الشهرة في وادي ميزاب، فلئن مضى على وفاته خمسة قرون فلا يزال تحكى أقواله وتتبع سيره، وينوه بجهاده، ويتبرك باسمه إلى يومنا هذا، وإلى أن يشاء الله، وهكذا شأن عباد الله المخلصين المخلصين، يجعل الله لهم لسان ذكر في الآخرين.
غير أنني لاحظت أن أعمال الشيخ وإصلاحاته الميدانية خلدت أكثر من علمه النظري، فيذكر على أنه مؤسس حلقة إيروان، أو مفعل مجلس الكرثي، أو واضع دعاء السلام، وغير ذلك من الأعمال المباركة الخالدة ولا يشار إلى شيء من جواباته أو تحقيقاته أو فتاويه إلا قليلا، فاستثرت همتي لتحقيق هذا المخطوط الشامل للشيخ - على ضعفي وانعدام بضاعتي في هذا الفن- اللهم إلا قراءة عاجلة في كتاب الدكتور محمد ناصر:منهج البحث وتحقيق النصوص أو محاكاة ناقصة لتحقيق الأستاذ مصطفى وينتن لشرح عقيدة التوحيد للقطب اطفيش [رحمه الله]فإن أصبت في غالبه فذلك من فضل ربي، وإن قصر باعي عن ذلك فعذري يتمثل في محبة عارمة للعلم والعلماء بما لا يوصف وفي رغبة أكيدة في خدمة التراث والتجديد بما لا يقدر، وفي عودة فجائية لرحاب القرطاس والقلم بعد انقطاع دام أربعة عشر عاما كاد أن يضيع معه كل شيء لولا أن تداركنا الله وحده بجميل لطفه وحسن عنايته.
أي نعم، إن المنهجية - في نظرنا - ليست في أساليب علمية تحليلية أو استقرائية أو تجريبية أو رقمية فحسب بقدر ما هي تقوى وموهبة وأمانة وأخلاق فقد يحسن عرض الباطل بمنهجية دقيقة فتكون له صولات وجولات، وقد يساء عرض الحق فيخبو نوره ويذهب سلطانه لمدة تطول أو تقصر رغم أنه الحق ولكن كما قال الله: { فأما الزبد فيذهب جفآء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض } [الرعد/17].
موضوعات المخطوط:
مخ ۳