قال: فما تأولناه في قولنا في الكتاب المسمى به التنزيل: إنه يراد به
المكتوب، أرجح عندي من قول بن قال: إنه سُمِّي بذلك لما فرض فيه.
وأوجب العمل به. قال: ألا ترى أن جميع التنزيل مكتوب، وليس كله
مفروضًا.
قال: وإذا كان كذلك كان العامل الشامل لجميع المسمى أولى
مما كان بخلاف هذا الوصف.
وهذا الذي رجحه أبو علي ليس براجح؛ لأن قولهم: هذا الدرهم ضرب الأمير قد علم المراد منه، وأن الضرب
الذي هو الغلض الذي قد انقضى، وذهب، لا يصح أن يكون موجودًا.
ومشارًًا إليه، فتعين أن المراد بالضرب المضروب، وليس كذلك الكتاب؛
لأنه اسم منقول من المصدر كفضل، وإنما سُمِّي القرآن كتابًا؛ لأن
معنى "كتب الشيء" جمعه، وضم بعضه إلى بعض، وكذلك القرآن.
وقول من قال: إنما سُمِّي كتابًا؛ لأنه يقال: كتب الله كذا بمعنى أوجبه.
وفرضه، كقوله ﷿: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) فسمِّي القرآن كتابًا لما فيه من الواجبات التي كتبها أرجح من قول
أبي على؛ لأن الشيء يُسفى ببعض ما فيه، ثم إن قول أبي على يوهم
أن ليس إلَّا هذا القول، وقوله. وأوضح من القولين، وأصح قول من قال:
هو مَنْقُول من المصدر الذي هو معنى الجمع، والضم.
ومن أسمائه الذكر
قال الله ﷿: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)
1 / 83