ثم قال: وخلق الله تعالى النفس الناطقة لا تموت وكساها بدنا ميتا وضم إلى ذلك نوعا آخر من أنواع النفس قابلا للتأثير فيه آلام اضطرارية صعبة. أما أولها bفاللذة وهى خدعة ومصيدة توقع فى الشر، ثم من بعدها الأذى والأحزان وهما المانعان من الخيرات، ثم القحة والجزع وهما صاحبا الخطأ فى المشورة، ثم الغضب وهو ألم يعسر تسكينه، ثم الرجاء والطمع وهما اللذان يميلان النفس ويوقعانها فى | الشر بسهولة. وإن [كان] الخالق تبارك وتعالى لما مزج جميع هذه بالحس العديم للنطق والشهوة المنقحمة ركب فيها ضرورة الجنس القابل للموت
ثم قال: وجعل الله العنق بين الرأس والصدر كيلا تتدنس النفس الإلهية إلا من ضرورة شديدة. وجعل فى القلب أفضل جزئى النفس الميتين وجعل أخسهما فى الكبد وجعل بينهما حاجزا وهو الحجاب وجعل النوع الذى فى القلب من أنواع النفس مطيعا للنفس الناطقة. ثم قال: ولأن هذا النوع محب للغلبة يجاذب النفس الشهوانية على شهواتها ويضبطها متى خالفت أمر النفس الناطقة. وإنما لما كان هذا النوع من أنواع النفس يحمى عند الغضب ويسخن ولم يكن يؤمن مع ذلك أن تفرط حرارته فتجاوز به المقدار أحدقت به الرئة من خارج من جميع النواحى لتبرده. ولأن الرئة فى طبيعتها لينة تمسك القلب فى أوقات الغضب إمساكا رقيقا فتسكنه بلينها، وبما فيها أيضا من التجويفات التى تقبل الهواء والرطوبة تروح الحرارة التى فيه
مخ ۲۳