وهذا القول وإن كان [ليس] خارجا عما نحن فيه، فإنه [ليس] يدل دلالة بينة من جمعة النحو الذى سلكناه فى كتابنا هذا على أن أفعال النفس تابعة لمزاج البدن. فأقول: إنه إن كانت النفس صورة الجسم المتشابه الأجزاء، فإن لنا على ذلك برهانا صادقا من جوهرها. فإن نحن وصفنا أنها غير ميتة وأن لها طبيعة خاصية على ما قال أفلاطن، فقد يلزم الإقرار أيضا على رأى أفلاطن بأنها تتعبد وتذعن للبدن فى عدم العقل فى الصبيان وفى المختلطين عند الشيخوخة وفى الموسوسين وفى الذين يصيرون إلى الجنون وإلى النسيان والى الاختلاط من قبل شرب الأدوية أو من قبل كيموسات رديئة تتولد فى البدن. وقد يمكن أن يقول بعض الناس: إن النفس إلى أن يصير من تصيبه هذه الآفات إلى النسيان أو الى عدم العقل أو ذهاب الحركة أو ذهاب الحس، فإنما تعاق عن استعمال قواها الطبيعية. فأما إذا هو وجدها تظن أنها تبصر ما ليس يبصره وتسمع ما لم يتفوه به أحد وتتكلم بأشياء سمجة أو بأشياء ليس ينبغى الكلام بها أو على ضرب آخر، فما لم يذهب عنها قواها الغريزية لها فقط بل قد دخلت عليها قوى ما ضادة. وفى ذلك ما يدعو إلى الظن بكل جوهر النفس أنه ليس غير الجسم. وإلا فكيف تصير بمشاركتها الجسم الى طبيعة هى ضدها، إذ هى ليست بكيفية للجسم ولا صورة له ولا ألما له [قوة] ولا قوة له؟ ولكنا نضرب عن هذا ليكما لا يكون الشىء الخارج عن العمل أكثر وأعظم من العمل الذى أردنا. وقد نجد رداءة البدن تستولى على النفس استيلاء بينا ظاهرا فى من يصيبه مالنخوليا وفى الوسواس وفى الجنون. وأما جهل الإنسان بنفسه وأقرابائه عند بعض الأمراض، كما ذكر ثوقيديدس انه عرض لقوم كثير مرضوا من الوبأ، وكما رأيناه نحن أيضا عرض فى هذا الوبأ الذى كان قريبا وادم سنين كثيرة، فإنه يشبه ما يعرض فى العين من القذى أو الماء المساتر البصر والمانع له من النظر من غير Hن يكون فى الروح المبصر شىء من الألم. وأما ما يعرض فى البصر من رؤية الواحد ثلاثة، فإنه دليل على ألم عظيم فى القوة المبصرة ويشبه ذلك ما يعرض من الاختلاط عند الوسواس.
[chapter 6] (الباب السادس فى تأثيرات الكيموسات الرديئة وأضرارها على النفس حسب ما جاء فى كتاب طيماوس)
مخ ۲۲