وأما الساعة فقد رأيت أنه ينبغى أن أزيد هذا على ما تقدم من القول فى المزاج فأقول: إنه يمكن اللذين يرون أن النفس هى صورة الجسم أن يقولوا: إن اعتدال المزاج يجعلها لبيبة لا يبوسته، ويضادوا بقولهم هذا من كان يرى أنه كلما كان المزاج أيبس كانت النفس ألب، وأن يسلموا أيضا أن اليبوسة هى سبب اللب، ولا كن لا يقرون بأنها اليبوسة المفرطة. وأما أصحاب إيراقليطوس، وهو أيضا زعم أن النفس الحكيمة جدا هى شعاع يابس، فإنهم يبينون القول بأن اليبوسة التى هى سبب اللب المفرطة، لأن اسم الشعاع على هذا يدل. وينبغى أن يظن أن هذا الرأى أفضل من ذلك، إذا نحن أنزلنا الامر على أن الشمس والكواكب لما كانت شاعية يابسة كانت فى غاية العقل، وإن أنكر ذلك أحد من الناس وزعم أنه ليس لها هذا، فإنه يظن به أنه لا يحس لجلالة أمر الحوارى. فإن قيل: فما بال إذا كثير ممن بلغ غاية سن الشيخوخة اختلط، والشيخوخة قد وضح أنها يابسة فنقول: إن ذلك يكون لا من قبل اليبوسة بلا من قبل البرودة، فإن البرودة أيضا قد تنقص أفعال النفس وتفسدها فسادا بينا.
مخ ۲۱