فان ابقراط وهو اول من ذكر هذا الاسم فى كتاب فيمن عرفناه من اصحاب الكتب انما قال «واما الحمى التى تسمى شطر الغب فقد تعرض معها امراض حادة ». فبقراط لم يقل انها شطر الغب انما قال انها تسمى شطر الغب، على انه لو نسب الاسم الى نفسه لكان اولى بان يصدق او يقبل قوله من جميع هؤلاء السوفسطائيين الذين فى هذا الدهر. وذلك ايضا لو انه اراد ان يقول قولا مطلقا من غير ان يستثنى فيه شيئا واراد ان يأمر امرا بأن تسمى هذه الحمى بهذا الاسم لكان جائزا له. ولكنه لم يفعل ولا واحدة من هذه الخصال وانما فعل فيما احسب لينبهنا به ويعلمنا ان الاسماء والالقاب ينبغى لنا ان نعمل فى امرها على انه قد يمكن فيها ان تنقل وتبدل. فاما هؤلاء السوفسطائيين البابية فلم يبق لهم الا واحدة: وهى ان يتوهموا ان الاسماء والالقاب موصولة بالاشياء المسماة والملقبة وصل التحام. فهم بهذا السبب يقولون فى هذه الحمى انها شطر الغب، ويقولون فى عضلتين من العضل انهما عضلتا الصدغين او عضلتا الماضغين، ويقولون فى المرفق انه هو المشار اليه، ويقولون فى عضل المتن انه هذا المشار اليه ويقولون فى ذوى المرفق الشبيه بمرفق ابن عرس انهم هؤلاء المشار اليهم. وقد كان الانفع لهم والاعود عليهم ان يذكروا انفسهم فى كل واحدة من هذه الامور كيف فعل فيه ابقراط فيمتثلوا ذلك.
مخ ۱۱