============================================================
واختيار الجمهور: أن المحبين يختارون الله عز وجل على خلقه، يرون النعم التي عندهم منه لا من غيره، يرون ألطافه، وتربيته لهم، وإعطاءه إياهم فيحبونه، ثم يختارونه على الدنيا والآخرة، يتركون الحرام والشبهة والمباح ويتقللون من الحلال، ويؤثرون بالموجود، ويهجرون اللحاف والفراش والنوم والقرار، تتجافى وم عن المضاجع ، لا ليلهم ليل ولا نهارهم نهار. هم يقولون: إلهنا تركنا1797/ب) الكل وراءء ظهور قلوبنا، وعجلنا إليك لترضى. يسيرون إليه تارة بأقدام قلوبهم، وتارة بأقدام آسرارهم، وتارة بأقدام إرادتهم، وتارة بأقدام هممهم، وتارة بأقدام صدقهم، وتارة بأقدام حبهم، وتارة بأقدام شوقهم، وتارة بأقدام ذلهم وتواضعهم، وتارة بأقدام قربهم، وتارة بأقدام خوفهم، وتارة بأقدام رجائهم. كل ذلك حبا له، وشوقا إلى لقائه. يا سائلا أنت من جملة من يحب الله عز وجل اضطرار أو اختيارا؟. فإن كنت لا ذا ولا ذا فاسكت، واشتغل بتصحيح الإسلام .
ليتك صح لك الإسلام والايمان، ليتك خرجت من زمرة الكافرين والمنافقين اليوم وغدا. ليتك قمت من مجالسة المشركين بالخلق والأسباب / والمنازعين للحق عز[1/180] وجل، تب ولا تتعرض لخزائن الملوك وأسرارهم . كان الشيخ حماد(9) رحمة الله عليه يقول: (من لم يعرف قذره عرفته الأقدار قذره). الاعترلف بقدرك أحسن من انكارك لقذرك، لأن الجاهل جاهل بقذره وقدر غيره . اللهم لا تجعلنا من المدعين الكذابين الجاهلين بك وبخواصك من خلقك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، آمين.
(4) هو شيخ حماد بن سلم الدباس الذي أخذ عنه الشيخ الجيلاني الخرقة، وهو شيخ عارف من كبار مشايخ بغداد. ولد برحبة الشام وتوفي في بغداد 525 ه. له كرامات ظاهرة شررة انظر جامع كرامات الأولياء 54/2.
191
مخ ۱۹۱